شرائعه، وأذن لهم في مناجاته كل وقت أرادوا، وكتب لهم بكل حسنة يعملونها عشر أمثالها إلى سبعمائة ضعف إلى أضعاف كثيرة، وكتب لهم بالسيئة واحدة، فإن تابوا منها محاها وأثبت مكانها حسنة، وإذا بلغت ذنوب أحدهم عنان السماء ثم استغفره غفر له، ولو لقيه بقراب الأرض خطايا ثم لقيه بالتوحيد لا يشرك به شيئًا لأتاه بقرابها مغفرة.
وشرع لهم الحج الذي يهدم ما كان قبله، فوفقهم لفعله وكفر عنهم سيئاتهم به؛ وكذلك ما شرعه لهم من الطاعات والقرابات هو الذي أمرهم بها، وخلقها لهم، وأعطاهم إياها، ورتب عليها جزاءها، فمنه السبب، ومنه الجزاء، ومنه التوفيق، ومنه العطاء أولاً وآخرًا.
أعطى عبده ماله وقال: تقرب بهذا إلى أقبله منك. فالعبد له، والمال له، والثواب منه؛ فهو المعطي أوَّلاً وآخرًا. فكيف لا يُحَبُّ من هذا شأنه، وكيف لا يستحيي العبد أن يصرف شيئًا من محبته إلى غيره. ومن أولى بالحمد والثناء والمحبة منه؟! ومن أولى بالكرم والجود والإحسان منه؟! فسبحانه وبحمده لا إله إلا هو العزيز الحكيم.
ويفرح سبحانه وتعالى بتوبة أحدهم إذا تاب إليه أعظم فرح وأكمله، ويكفر عنه ذنوبه، ويوجب له محبته بالتوبة، وهو الذي ألهمه إياها، ووفقه لها، وأعانه عليها. وملأ سبحانه سمواته من ملائكته واستعملهم في الاستغفار لأهل الأرض، واستعمل حملة العرش منهم في الدعاء لعباده المؤمنين، والاستغفار لذنوبهم، ووقايتهم عذاب الجحيم، والشفاعة إليه بإذنه أن يدخلهم جناته.