وكثير من العقلاء يتعلم من الحيوان البهيم أمورًا تنفعه في معاشه، وأخلاقه، وصناعته، وحربه، وحزمه، وصبره (?) .

فتفكروا عباد الله في هداية هذه الحيوانات لما خلقت له واعرفوا عظمة باريها وتفهموا قوله: {سَبِّحِ اسْمَ رَبِّكَ الْأَعْلَى * الَّذِي خَلَقَ فَسَوَّى * وَالَّذِي قَدَّرَ فَهَدَى} [الأعلى: 1- 3] {قَالَ رَبُّنَا الَّذِي أَعْطَى كُلَّ شَيْءٍ خَلْقَهُ ثُمَّ هَدَى} [طه: 50] . بارك الله لي ولكم ...

الخطبة الثانية

الحمد لله الذي سبحت الكائنات بحمده. وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، ولا مثل له من خلقه. وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله أكمل خلق الله خلقًا، وأرفعهم عنده منزلا. اللهم صلِ وسلم على عبدك ورسولك محمد، وعلى آله وأصحابه وأتباعه بإحسان إلى يوم الدين.

أما بعد فقد قال الله تعالى: {وَمَا مِنْ دَابَّةٍ فِي الْأَرْضِ وَلَا طَائِرٍ يَطِيرُ بِجَنَاحَيْهِ إِلَّا أُمَمٌ أَمْثَالُكُمْ} [الأنعام: 38] قال ابن عباس: يعرفونني ويوحدونني ويسبحونني ويحمدونني. وقال ابن قتيبة: {إِلَّا أُمَمٌ أَمْثَالُكُمْ} في طلب الغذاء وابتغاء الرزق وتوقي المهالك.

وقال سفيان بن عيينة: ما في الأرض آدمي إلا وفيه شبه من البهائم. فمنهم من يهتصر اهتصار الأسد، ومنهم من يعدو عدو

طور بواسطة نورين ميديا © 2015