وهذا «الهدهد» من أهدى الحيوان وأبصره بمواضع الماء تحت الأرض لا يراه غيره. ومن هدايته ما حكاه الله عنه في كتابه أنه قال لنبيه سليمان عليه السلام وقد فقده وتوعده فلما جاء بدره بالعذر قبل أن ينذره سليمان بالعقوبة، وخاطبة خطابًا هيجه على الإصغاء إليه والقبول منه، فقال: {أَحَطتُ بِمَا لَمْ تُحِطْ بِهِ} [النمل: 22] ثم كشف عن حقيقة الخبر كشفًا مؤكدًا بأدلة التأكيد فقال: {إِنِّي وَجَدْتُ امْرَأَةً تَمْلِكُهُمْ} [النمل: 23] ثم أخبر عن شأن تلك الملكة وأنها من أجل الملوك بحيث أوتيت من كل شيء يؤتاه الملوك، ثم زاد في تعظيم شأنها بذكر عرشها الذي تجلس عليه وأنه عرش عظيم، ثم أخبره بما يدعوه إلى قصدهم وغزوهم في عقر دارهم بعد دعوتهم إلى الله فقال: {وَجَدْتُهَا وَقَوْمَهَا يَسْجُدُونَ لِلشَّمْسِ مِنْ دُونِ اللَّهِ} [النمل: 24] ثم أخبر عن المغوي لهم الحامل لهم على ذلك وهو تزيين الشيطان لهم أعمالهم حتى صدهم عن السبيل المستقيم وهو السجود لله وحده، ثم أخبر أن ذلك الصد حال بينهم وبين الهداية والسجود لله الذي لا ينبغي السجود إلا له، ثم ذكر من أفعاله سبحانه إخراج {الْخَبْءَ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ} [النمل: 25] وهو المخبوء فيهما من المطر والنبات والمعادن وأنواع ما ينزل من السماء وما يخرج من الأرض.

وهذا «الحمام» من أعجب الحيوان هداية حتى قال الشافعي: أعقل الطير الحمام، وبرد الحمام هي التي تحمل الرسائل والكتب في لأزمان السابقة، ربما زادت قيمة الطير منها على قيمة العبد، يذهب ويرجع إلى مكانه من مسيرة ثلاثة آلاف ميل فما دونها. وهداية الحيوان إلى مصالح معاشها كالبحر حدث ولا حرج.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015