الخطبة الثانية
الحمد لله نحمده ونستيعنه.... إلخ.
أما بعد: فيا عباد الله: القلب يطلق على معنيين على العضو اللحمي الصنوبري الشكل المودع في الجانب الأيسر من الصدر، وفي بطنه تجويف، وفي التجويف دم أسود. والثاني أمر معنوي وهو لطيفة ربانية رحمانية روحانية لها بهذا العضو تعلق واختصاص وتلك هي حقيقة الإنسانية وهي «الروح» .
عباد الله وللملك لمة بالقلب، وللشيطان لمة فإذا ألم به الملك حدث من لمته والانفساح والانشراح والنور والرحمة والإخلاص والإنابة ومحبةُ الله وإيثارُه على ما سواه وقِصَرُ الأمل والتجافي عن دار البلاء والامتحان والغرور. فلو دامت له تلك الحالة لكان في أهنأ عيش وألذه وأطيبه؛ ولكن تأتيه لمة الشيطان فتحدث له من الضيق والظلمة والهم والغم والخوف، والسخط على المقدور، والشك في الحق، والحرص على الدنيا وعاجلها، والغفلة عن الله ما هو من أعظم عذاب القلب.
ثم من الناس من تكون لمة الملك أغلب من لمة الشيطان وأقوى. ومنهم من تكون لمة الشيطان أغلب عليه وأقوى. والشيطان يلم بالقلب لما كان هناك من جواذب تجذبه؛ فإذا كانت الجواذب صفات قوي سلطانه هناك، واستفحل أمره، ووجد موطئًا ومقرًا- فتأتي الأذكار والدعوات كحديث النفس لتدفع سلطان الشيطان. فإذا قلع العبد تلك الصفات وعمل على التطهير منها والاغتسال