وزين «الوجه» أيضًا بما أنبت فيه من الشعور المختلفة الأشكال والمقادير. تأمل حال الشعر ومنبته. والغايةَ التي خلق من أجلها، وهي شيئان: أحدهما: عام وهو: تنقية البدن من الفضول الدخانية الغليظة كشعر العانة والإبط والأنف؛ والآخر خاص وهو: إما للزينة، أو للوقاية ففي شعر الرأس منافع ومصالح منها وقايته عن الحر والبرد والمرض، ومنها الزينة والحسن. وفي شعر الحاجبين مع الحسن والجمال والزينة وقاية العين مما ينحدر من الرأس. ولو نقص عن هذا المقدار لزالت منفعة الجمال والوقاية، ولو زاد عليه لغطى العين وأضرَّ بها وحال بينها وبين ما تدركه. وأما شعر اللحية ففيه منافع منها الزينة والوقار والهيبة، ولهذا لا يرى على الصبيان والنساء من الهيبة والوقار ما يرى على ذوي اللحى، ومنها التمييز بين الرجال والنساء. والنساء لما كنَّ محل الاستمتاع والتقبيل كان الأحسن والأولى خلوهن عن اللحى، وزين الشفتين بما أنبت فوقهما من الشارب وتحتهما من العنفقة، وزين الجبهة بالحاجبين وقوسهما وأحسن خطهما.
ثم انزل إلى «الصدر» ترى معدن العقل والعلم والحلم والرضا والغضب والشجاعة والكرم والصبر والاحتمال والحب والإرادة والوقار والسكينة، والبر وسائر صفات الكمال، وأضدادها فتجد صدور العلِّية تعلو بالبر والخير والعلم والإحسان، وصدور السفلة تغلي بالفجور والشرور والإساءة والحسد والكبر.
وفي الصدر «القلب» الذي هو أشرف ما في الإنسان، وهو
قوام الحياة، وهو منبع الروح الحيواني والحرارة الغريزية، وهو محل
نظر الرب تعالى ومعرفته ومحبته وخشيته والتوكل عليه والإنابة