الفاصلة التي تغلب فيها الفرس على الروم - في أول الأمر بـ (أدنى الأرض) وصف معجز للغاية؛ لأن أحدًا من الناس لم يكن يدرك تلك الحقيقة في زمن الوحي ولا لقرون متطاولة من بعده، وورودها بهذا الوضوح في مطلع سورة الروم يضيف بعدًا آخر إلى الإعجاز التنبؤي في الآيات الأربع التي استهلت بها تلك السورة المباركة ألا وهو الإعجاز العلمي، فبالإضافة إلى ما جاء بتلك الآيات من إعجاز تنبؤي شمل الإخبار بالغيب، وحدد لوقوعه بضع سنين، فوقع كما وصفته وكما حددت له زمنه تلك الآيات؛ فكانت من دلائل النبوة، فإن وصف أرض المعركة بالتعبير القرآني أدنى الأرض يضيف إعجازًا علميًا جديدًا يؤكد أن القرآن الكريم هو كلام اللَّه الخالق، وأن النبي الخاتم الذي تلقاه كان موصولًا بالوحي، ومعلمًا من قبل خالق السماوات والأرض.
وكما كانت هذه الآيات الكريمة من دلائل النبوة في زمن الوحي لإخبارها بالغيب فيتحقق؛ فهي لا تزال من دلائل النبوة في زماننا بالتأكيد على أن المعركة الفاصلة قد تمت في أخفض أجزاء اليابسة على الإطلاق؛ وهي أغوار البحر الميت وما حولها من أغوار، ويأتي العلم التجريبي ليؤكد تلك الحقيقة في أواخر القرن التاسع عشر وأوائل القرن العشرين.
4 - وعلى كُتَّاب التاريخ الذين تأرجحوا في وضع المعركة الفاصلة في هزيمة الروم على أرض القسطنطينية، أو على الأرض بين مدينتي أذرعات وبصرى من أرض الشام، أو على أرض أنطاكية، أو على أرض دمشق، أو أرض بيت المقدس، أو أرض مصر (الإسكندرية) - أن يعيدوا النظر في استنتاجاتهم؛ لأن القرآن الكريم يقرر أن هزيمة الروم على أيدي الفرس كانت على الأرض الواقعة بين شرقي الأردن وفلسطين وهي أغوار وادي عربة -البحر الميت- الأردن التي أثبت العلم أنها أكثر أجزاء اليابسة انخفاضًا، والتي ينطبق عليها الوصف القرآني بأدنى الأرض انطباقًا تامًا ودقيقًا.
وعلى الذين قالوا: إن معنى أدنى الأرض هو أقرب الأرض من بلاد فارس، أو من بلاد العرب، أو هي أطراف بلاد الشام، أو بلاد الشام، أو إنطاكية، أو دمشق، أو بيت