عربة، بحر الأسفلت، والبحر الميت؛ وذلك لأن المنطقة اشتهرت بخصوبة تربتها، ووفرة مياهها فعمرتها القبائل العربية منذ القدم، واندفعت إليها من كل من: العراق، والجزيرة العربية، وبلاد الشام، ومنهم قوم لوط عليه السلام الذين عمروا خمس مدن في أرض الحوض الجنوبي من البحر الميت هي: سدوم، وعمورة، وأدمة، وصوبييم، وزغر، وقد ازدهرت فيها الحياة إلى أواخر القرن العشرين قبل الميلاد، ودمرت بالكامل في عقاب إلهي أنزل بها، وجاء خبر عقابها في القرآن الكريم بقول الحق -تبارك وتعالى-: {فَلَمَّا جَاءَ أَمْرُنَا جَعَلْنَا عَالِيَهَا سَافِلَهَا وَأَمْطَرْنَا عَلَيْهَا حِجَارَةً مِنْ سِجِّيلٍ مَنْضُودٍ} (هود: 82).
والأرض في حوض البحر الميت -بصفة عامة- وفي الجزء الجنوبي منه بصفة خاصة والتي تعرف باسم الأرض المقلوبة تتميز بالحرارة الشديدة، وبتفجر كل من العيون المائية، والأبخرة الكبريتية الحارة فيها، وبتناثر كتل الأسفلت التي كثيرًا ما كانت تطفو على سطح مياه البحر الميت إلى عهد غير بعيد، وقرى قوم لوط التي كانت تشغل أرض الحوض الجنوبي من البحر الميت، والتي دمرت بالكامل بأمر من ربنا -تبارك وتعالى- لا علاقة لها بالحركات الأرضية التي شكلت تلك الأغوار من قبل حوالي 25 مليون سنة مضت، ولكن بعد تدميرها بالعقاب الإلهي دخلت المنطقة برحمة من اللَّه -تعالى- في دورة مطيرة غسلت مياهها ذنوب الآثمين من قوم لوط، وغمرت منطقة قراهم لتحولها إلى الحوض الجنوبي من البحر الميت، والذي يتجه اليوم إلى الجفاف مرة أخرى ليصير أرضًا يابسة.
3 - وخلاصة القول: إن منطقة أغوار وادي عربة -البحر الميت- الأردن تحوي أخفض أجزاء اليابسة على الإطلاق، والمنطقة كانت محتلة من قبل الروم البيزنطيين في عصر البعثة النبوية الخاتمة، وكانت هذه الإمبراطورية الرومانية يقابلها ويحدها من الشرق الإمبراطورية الفارسية الساسانية، وكان الصراع بين هاتين الإمبراطوريتين الكبيرتين في هذا الزمن على أشده، ولا بد أن كثيرًا من معاركهما الحاسمة قد وقعت في أرض الأغوار، وهي أخفض أجزاء اليابسة على الإطلاق، ووصف القرآن الكريم لأرض تلك المعركة