الوجه الثاني: في بيان معنى قوله -تعالى-: {وَامْرَأَةً مُؤْمِنَةً إِنْ وَهَبَتْ نَفْسَهَا لِلنَّبِيِّ إِنْ أَرَادَ النَّبِيُّ أَنْ يَسْتَنْكِحَهَا خَالِصَةً لَكَ مِنْ دُونِ الْمُؤْمِنِينَ} (الأحزاب: 50)
قال ابن الجوزي: وللمفسرين في معنى خالصة ثلاثة أقوال:
أحدها: أن المرأة إذا وهبت نفسها لم يلزمه صداقها دون غيره من المؤمنين، قاله: أنس بن مالك، وابن المسيب، وهذا هو الذي عليه جماهير علماء التفسير. (?)
والثاني: أن له أن ينكحها بلا ولي ولا مهر دون غيره؛ قاله قتادة.
والثالث: خالصة لك أن تملك عقد نكاحها بلفظ الهبة دون المؤمنين؛ وهذا قول الشافعي، وأحمد. (?)
وقد جاءت رواية عن عائشة -رضي اللَّه عنها- أنها كانت تعير النساء اللاتي وهبن أنفسهن لرسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- وتقول: "ألا تستحي امرأة أن تعرض نفسها بغير صداق فأنزل اللَّه: {تُرْجِي مَنْ تَشَاءُ مِنْهُنَّ وَتُؤْوِي إِلَيْكَ مَنْ تَشَاءُ} (الأحزاب: 51).
الوجه الثالث: هل كان عند رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- امرأة وهبت نفسها له؟
الجواب: اختلف أهل العلم في ذلك على قولين: (?)
الأول: أنه لم يكن عنده -صلى اللَّه عليه وسلم- منهن أحد.
الثاني: أنه كان عنده -صلى اللَّه عليه وسلم- بعضهن.
القول الأول: من قال أنه لم يكن عنده -صلى اللَّه عليه وسلم- منهن أحد.
1. ابن عباس -رضي اللَّه عنه- حيث قال: "لم يكن عند رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- امرأة وهبت نفسها". (?)