(الدخان: 56)، وقوله تعالى: {فَمَا لَهُمْ لَا يُؤْمِنُونَ (20) وَإِذَا قُرِئَ عَلَيْهِمُ الْقُرْآنُ لَا يَسْجُدُونَ (21) بَلِ الَّذِينَ كَفَرُوا يُكَذِّبُونَ (22) وَاللَّهُ أَعْلَمُ بِمَا يُوعُونَ (23) فَبَشِّرْهُمْ بِعَذَابٍ أَلِيمٍ (24) إِلَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَهُمْ أَجْرٌ غَيْرُ مَمْنُونٍ (25)} (الانشقاق: 25 - 25)، وقوله تعالى: {لَا يَسْمَعُونَ فِيهَا لَغْوًا وَلَا تَأْثِيمًا (25) إِلَّا قِيلًا سَلَامًا سَلَامًا (26)} (الواقعة: 25، 26)، وقوله: {وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ أَنْ يَقْتُلَ مُؤْمِنًا إِلَّا خَطَأً} (النساء: 92). وهذا أصح الأقوال في هذه الآية.

ولا يجوز أن يكون المعنى أن الله كتبها عليهم ابتغاء رضوان الله؛ فإن الله لا يفعل شيئًا ابتغاء رضوان نفسه، ولا أن المعنى أنهم ابتدعوها ابتغاء رضوانه كما يظن هذا وهذا بعض الغالطين كما قد بسط في موضع آخر وذكر أنهم ابتدعوا الرهبانية وما رعوها حق رعايتها وليس في ذلك مدح لهم؛ بل هو ذم ثم قال تعالى: {فَآتَيْنَا الَّذِينَ آمَنُوا مِنْهُمْ أَجْرَهُمْ}، وهم الذين آمنوا بمحمد - صلى الله عليه وسلم - وكثير منهم فاسقون، ولو أريد الذين آمنوا بالمسيح أيضًا فالمراد من اتبعه على دينه الذي لم يبدل، وإلا فكلهم يقولون: إنهم مؤمنون بالمسيح، وبكل حال فلم يمدح سبحانه إلا من اتبع المسيح على دينه الذي لم يبدل ومن آمن بمحمد - صلى الله عليه وسلم -، لم يمدح النصارى الذين بدلوا دين المسيح ولا الذين لم يؤمنوا بمحمد - صلى الله عليه وسلم -.

فإن قيل: قد قال بعض الناس إن قوله تعالى: {وَرَهْبَانِيَّةً ابْتَدَعُوهَا} عطف على رأفة ورحمة وإن المعنى: أن الله جعل في قلوب الذين اتبعوه رأفةً ورحمةً ورهبانيةً أيضًا ابتدعوها، وجعلوا الجعل شرعيًا ممدوحًا. قيل: هذا غلط لوجوه:

منها: أن الرهبانية لم تكن في كل من اتبعه، بل الذين صحبوه كالحواريين لم يكن فيهم راهب، وإنما ابتدعت الرهبانية بعد ذلك بخلاف الرأفة والرحمة فإنها جعلت في قلب كل من اتبعه.

ومنها: أنه أخبر أنهم ابتدعوا الرهبانية بخلاف الرأفة والرحمة فإنهم لم يبتدعوها، وإذا كانوا ابتدعوها لم يكن قد شرعها لهم فإن كان المراد هو الجعل الشرعي الديني لا الجعل

طور بواسطة نورين ميديا © 2015