وقال ابن جُرَيْج: كان الرجل في الجاهلية ينزل الأرض، فيقول: أعوذ بكبير هذا الوادي فذلك استمتاعهم، فاعتذروا يوم القيامة، وأما استمتاع الجن بالإنس فإنه كان -فيما ذكر- ما ينال الجنّ من الإنس من تعظيمهم إياهم في استعانتهم بهم، فيقولون: قد سدنا الإنس والجن (?). وقال سبحانه وتعالى: {فَاسْتَمْتَعُوا بِخَلَاقِهِمْ فَاسْتَمْتَعْتُمْ بِخَلَاقِكُمْ كَمَا اسْتَمْتَعَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ بِخَلَاقِهِمْ وَخُضْتُمْ كَالَّذِي خَاضُوا أُولَئِكَ حَبِطَتْ أَعْمَالُهُمْ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ وَأُولَئِكَ هُمُ الْخَاسِرُونَ (69)} (التوبة: 69).

قوله عز وجل: {فَاسْتَمْتَعُوا بِخَلَاقِهِمْ}، قيل بنصيبهم من خيرات الدنيا، ويحتمل استمتاعهم باتباع شهواتهم، وفيه: أنه استمتاعهم بدينهم الذي أصروا عليه (?).

قال الشنقيطي: أي أنتم كالذين من قبلكم، فعلتم كفعل الذين من قبلكم، وقد وعد اللَّه المنافقين كوعد الذين من قبلكم، ولعنهم كلعنهم، ولهم عذاب مقيم كالعذاب الذي لهم (?).

وقال سبحانه وتعالى: {وَيَوْمَ يُعْرَضُ الَّذِينَ كَفَرُوا عَلَى النَّارِ أَذْهَبْتُمْ طَيِّبَاتِكُمْ فِي حَيَاتِكُمُ الدُّنْيَا وَاسْتَمْتَعْتُمْ بِهَا فَالْيَوْمَ تُجْزَوْنَ عَذَابَ الْهُونِ بِمَا كُنْتُمْ تَسْتَكْبِرُونَ فِي الْأَرْضِ بِغَيْرِ الْحَقِّ وَبِمَا كُنْتُمْ تَفْسُقُونَ} (الأحقاف: 20).

{وَاسْتَمْتَعْتُمْ بِهَا} أي: بالطيبات، والمعنى: أنهم اتبعوا الشهوات واللذات التي في معاصي اللَّه سبحانه، ولم يبالوا بالذنب تكذيبًا منهم لما جاءت به الرّسل من الوعد بالحساب والعقاب والثواب (?).

ويؤيده قول القرطبي: أي تمتعتم بالطيبات في الدنيا واتبعتم الشهوات واللذات، يعني المعاصي (?).

الوجه الثالث: الاستمتاع في السنة يراد به الزواج الشرعي.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015