الكفار أنهم قالوا: {رَبَّنَا اسْتَمْتَعَ بَعْضُنَا بِبَعْضٍ} وقال: {أَذْهَبْتُمْ طَيِّبَاتِكُمْ فِي حَيَاتِكُمُ الدُّنْيَا وَاسْتَمْتَعْتُمْ بِهَا} (الأحقاف: 20) يعني تعجلتم الانتفاع بها، وقال {فَاسْتَمْتَعْتُمْ بِخَلَاقِكُمْ} يعني بحظكم ونصيبكم من الدنيا (?).
قال ابن عبد البر: الاستمتاع عندنا التزويج. (?)
قال الجصاص: الاستمتاع: الدخول. (?)
فهذا ما قاله أهل العلم في الاستمتاع ولم يقل أحد من الأئمة المعتبرين أن الاستمتاع يراد منه المتعة.
الوجه الثاني: أن لفظ "الاستمتاع" ورد في غير هذا الموضع من القرآن ولم يرد به المتعة اتفاقًا.
{وَقَالَ أَوْلِيَاؤُهُمْ مِنَ الْإِنْسِ رَبَّنَا اسْتَمْتَعَ بَعْضُنَا بِبَعْضٍ وَبَلَغْنَا أَجَلَنَا الَّذِي أَجَّلْتَ لَنَا} (الأنعام: 128).
قال الشوكاني: أما استمتاع الجن بالإنس فهو ما تقدم من تلذذهم باتباعهم لهم وأما استمتاع الإنس بالجن فحيث قبلوا منهم تحسين المعاصي فوقعوا فيها وتلذذوا بها فذلك هو استمتاعهم بالجن وقيل: استمتاع الإنس بالجن أنه كان إذا مر الرجل بواد في سفره وخاف على نفسه قال: أعوذ برب هذا الوادي من جميع ما أحذر يعني ربه من الجن ومنه قوله تعالى: {وَأَنَّهُ كَانَ رِجَالٌ مِنَ الْإِنْسِ يَعُوذُونَ بِرِجَالٍ مِنَ الْجِنِّ فَزَادُوهُمْ رَهَقًا} وقيل: استمتاع الجن بالإنس أنهم كانوا يصدقونهم فيما يقولون من الأخبار الغيبية الباطلة واستمتاع الإنس بالجن أنهم كانوا يتلذذون بما يلقونه إليهم من الأكاذيب وينالون بذلك شيئا من حظوظ الدنيا (?).