ومن الأدلة على ذلك: صيام نبي اللَّه داود -عليه السلام-.

عَنْ عَبْدِ اللَّه بْنِ عَمْرٍ -رضي اللَّه عنه- قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-: "إِنَ أَحَبَّ الصِّيَامِ إِلَى اللَّه صِيَامُ دَاوُدَ، وَأَحَبَّ الصَّلَاةِ إِلَى اللَّه صَلَاةُ دَاوُدَ كَانَ يَنَامُ نِصْفَ اللَّيْلِ وَيَقُومُ ثُلُثَهُ وَيَنَامُ سُدُسَهُ، وَكَانَ يَصُومُ يَوْمًا وَيُفْطِرُ يَوْمًا" (?).

الوجه الثالث: أحوال السلف في رمضان

كان العلماء من السلف وهم الذين أناروا للأمة طريقها بسنة رسُولِ اللَّهِ -صلى اللَّه عليه وسلم- وببيان الأحكام، وهم أشد الناس اجتهادًا في العمل والعبادة إذا دخل شهر رمضان، وهذه نبذة تبين أحوالهم:

أولًا: حالهم مع قراءة القرآن:

قال ابن رجب: وفي حديث فاطمة رضي اللَّه عنها، عن أبيها -صلى اللَّه عليه وسلم- أَنَّ جِبْرِيلَ كَانَ يُعَارِضُهُ بِالْقُرْآنِ كُلَّ عَامٍ مَرَّةً، وَإِنَّهُ عَارَضَهُ بِهِ فِي الْعَامِ مَرَّتَيْنِ. (?)

وفي حديث ابن عباس: وَكَانَ جِبْرِيلُ -عليه السلام- يَلْقَاهُ كُلّ لَيْلَةٍ في رَمَضَانَ حَتَّى يَنْسَلِخ. (?) ما يدل على أنّ المدارسة بينه وبين جبريل كانت ليلًا، فدل على استحباب الإكثار من التلاوة في رمضان ليلًا؛ فإنّ الليل تنقطع فيه الشواغل، وتجتمع فيه الهمم، ويتواطأ فيه القلب واللسان على التدبر، كما قال تعالى: {إِنَّ نَاشِئَةَ اللَّيْلِ هِيَ أَشَدُّ وَطْئًا وَأَقْوَمُ قِيلًا} (المزمل: 6)، وشهر رمضان له خصوصية بالقرآن، كما قال تعالى: {شَهْرُ رَمَضَانَ الَّذِى أُنزِلَ فِيهِ الْقُرْآنُ} (البقرة: 185). (?)

وكان -صلى اللَّه عليه وسلم- إذا دخل عليه العشر شد مئزره، وأحيا ليله، وأيقظ أهله (?).

قال النووي: اختلف العلماء في معنى شد المئزر فقيل: هو الاجتهاد في العبادات زيادة

طور بواسطة نورين ميديا © 2015