بين الحسن ومعاوية، أرسل إلى قيس بن سعد بن عبادة يدعوه إلى البيعة فأتى به، وكان رجلًا طويلًا يركب الفرس المسرف، ورجلاه تخطان في الأرض، وما في وجهه طاقة شعر، وكان يسمى خصي الأنصار، فلما أرادوا أن يدخلوه إليه قال: إني قد حلفت أن لا ألقاه إلا وبيني وبينه الرمح أو السيف، فأمر معاوية برمح أو سيف فوضع بينه وبينه ليبر يمينه.
الرواية السادسة: فعن عبيدة، وقد ذكر بعض ذلك في رواية أبي مخنف التي قدمنا إسنادها، قال: لما صالح الحسن معاوية، اعتزل قيس بن سعد في أربعة آلاف وأبى أن يبايع، فلما بايع الحسن أدخل قيس بن سعد ليبايع. قال أبو مخنف في حديثه: فأقبل على الحسن فقال: أنا في حل من بيعتك، قال: نعم، قال: فألقى لقيس كرسي، وجلس معاوية على سريره، فقال له معاوية: أتبايع يا قيس؟ قال: نعم، فوضع يده على فخذه ولم يمدها إلى معاوية، فجثا معاوية على سريره وأكب على قيس حتى مسح يده على يده، فما رفع قيس إليه يده. (?)
الرواية السابعة: عن أبي عبيد عن مجالد، عن الشعبي.، وعن يونس بن أبي إسحاق، عن أبيه: أن أهل العراق لما بايعوا الحسن، قالوا له: سر إلى هؤلاء الذين عصوا الله ورسوله وارتكبوا العظائم، فسار إلى أهل الشام، وأقبل معاوية حتى نزل جسر منبج، فبينا الحسن بالمدائن، إذ نادى مناد في عسكره: ألا إن قيس بن سعد قد قتل، فشد الناس على حجرة الحسن، فنهبوها حتى انتهبت بسطه، وأخذوا رداءه، وطعنه رجل من بني أسد في ظهره بخنجر مسموم في أليته، فتحول، ونزل قصر كسرى الأبيض وقال: عليكم لعنة الله من أهل قرية، قد علمت أن لا خير فيكم، قتلتم أبي بالأمس، واليوم تفعلون بي هذا. ثم كاتب معاوية في الصلح على أن يسلم له ثلاث خصال: يسلم له بيت المال فيقضي منه دينه