لا أقول في الغضب والرضا إلا حقًّا". (?)
الوجه الثالث: التحقيق أن الهجر في اللغة هو: اختلاط الكلام بوجه غير مفهومٍ.
وهو على قسمين:
القسم الأول: قسمٌ لا نزاع لأحدٍ في عُروضه للأنبياء -عليهم السلام- وهو عدم تبيين الكلام لبحة الصوت وغلبة اليبس بالحرارة على اللسان، كما في الحميات الحارة وقد ثبت بإجماع أهل السير أن نبينا - صلى الله عليه وسلم - كانت بحة الصوت عارضةً له في مرض موته - صلى الله عليه وسلم -.
والقسم الآخر: جريان الكلام غير المنتظم أو المخالف للمقصود على اللسان بسبب الغشي العارض بسبب الحميات المحرقة، في الأكثر.
وهذا القسم وإن كان ناشئًا من العوارض البدنية، ولكن قد اختلف العلماء في جواز عروضه للأنبياء، فجوزه بعضهم قياسًا على النوم، ومنعه آخرون، فلعل القائل بذلك القول أراد القسم الأول يعني: أنا نرى هذا الكلام خلاف عادته - صلى الله عليه وسلم -، فلعلنا لم نفهم كلامه بسبب وجود الضعف في ناطقته فلا إشكال. (?)
الوجه الرابع: فضائل عمر وأدبه مع النبي - صلى الله عليه وسلم -.
عن أبي أمامة بن سهلٍ أنه سمع أبا سعيد الخدري يقول: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "بَيْنَا أَنَا نَائِمٌ رَأَيْتُ النَّاسَ يُعْرَضُونَ عَلي، وَعَلَيْهِمْ قُمُصٌ، مِنْهَا مَا يَبْلُغُ الثُدِيَّ، وَمنْهَا مَا دُونَ ذَلِكَ، وَعُرِضَ عَلَيَّ عُمَرُ بْنُ الخَطَّابِ وَعَلَيْهِ قَمِيصٌ يَجُرُّهُ، قَالُوا: فَمَا أوّلْتَ ذَلِكَ يَا رَسُولَ الله؟ قَالَ: (الدِّينَ) ". (?)
وعن حمزة بن عبد الله بن عمر؛ أن ابن عمر - رضي الله عنه - قال: سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: "بَيْنَا أَنَا نَائِمٌ، أُتِيتُ بِقَدَحِ لَبَنٍ، فَشَرِبْتُ حَتَّى إِنِّي أَرَى الرِّيَّ يَخْرُجُ فِي أَظْفَارِي ثُمَّ أَعْطَيْتُ فَضْلِي عُمَرَ بْنَ الخطَّابِ)، قَالُوا: فَمَا أَوَّلْتَهُ يَا رَسُولَ الله؟ قَالَ: (الْعِلْمَ) ". (?)
ومما يُظهِرُ أدبَه مع النبي - صلى الله عليه وسلم -: ما رواه أبو هريرة - رضي الله عنه - قال: بينا نحن عند رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إذ