أن يرى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - رؤيا يبرئني الله بها، فهذه صديقة الأمة، وأم المؤمنين، وحب رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، وهي تعلم أنها بريئة مظلومة، وأن قاذفيها ظالمون مفترون عليها، قد بلغ أذاهم إلى أبويها، وإلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، وهذا كان احتقارها لنفسها وتصغيرها لشأنها، فما ظنك بمن قد صام يومًا أو يومين، أو شهرًا أو شهرين، قد قام ليلة أو ليلتين، فظهر عليه شيء من الأحوال، ولاحظوا أنفسهم بعين استحقاق الكرامات، وأنهم ممن يتبرك بلقائهم، ويُغتنم بصالح دعائهم، وأنهم يجب على الناس احترامهم وتعظيمهم وتعزيرهم وتوقيرهم، فيتمسح بأثوابهم، ويقبل ثرى أعتابهم، وأنهم من الله بالمكانة التي ينتقم لهم لأجلها ممن تنقصهم في الحال، وأن يؤخذ من أساء الأدب عليهم من غير إمهال، وإن إساءة الأدب عليهم ذنب لا يكفره شيء إلا رضاهم.
ولو كان هذا من وراء كفاية لهان، ولكن من وراء تخلف، وهذه الحماقات والرعونات نتاج الجهل الصميم، والعقل غير المستقيم، فإن ذلك إنما يصدر من جاهل معجب بنفسه، غافل عن جرمه وعيوبه وذنوبه، مغتر بإمهال الله له عن أخذه بما هو فيه من الكبر والازدراء على من لعله عند الله خير منه. نسأل الله العافية في الدنيا والآخرة. وينبغي للعبد أن يستعيذ بالله أن يكون عند نفسه عظيمًا، وهو عند الله حقير. (?)
80 - وقال القرطبي: قال بعض أهل التحقيق: إن يوسف عليه السلام لما رمى بالفاحشة برأه الله على لسان صبى في المهد، وإن مريم لما رميت بالفاحشة برأها الله على لسان ابنها عيسى - صلوات الله عليه -، وإن عائشة لما رميت بالفاحشة برأها الله تعالى بالقرآن، فما رضى لها ببراءة صبي ولا نبي حتى برأها الله بكلامه من القذف والبهتان. (?)
81 - وينبغي أن يعلم أن سب عائشة - رضي الله عنها - بما برأها الله منه يعتبر مروقًا من الدين - حسبما تقرر في القواعد الشرعية - وسابها كافر، وعلى هذا إجماع علماء المسلمين، مستدلين