أحدهما: أنّ هؤلاء لم يبلغوا مبلغ الرجال.

والثاني: أنه قد أضاف الرجال إليهم وهؤلاء رجاله لا رجالهم، فإن قلت: أما كان أبا للحسن والحسين؟ قلت: بلى؛ ولكنهما لم يكونا رجلين حينئذ، وشيء آخر: وهو أنه إنما قصد ولده خاصة، لا ولد ولده " لقوله تعالى: {وَخَاتَمَ النَّبِيِّينَ} ألا ترى أن الحسن والحسين قد عاشا إلى أن نيّف أحدهما على الأربعين والآخر على الخمسين. (?)

وقال السعدي: أي لم يكن الرسول {مُحَمَّدٌ} - صلى الله عليه وسلم - {أَبَا أَحَدٍ مِنْ رِجَالِكُمْ} أيها الأمة فقطع انتساب زيد بن حارثة منه، من هذا الباب.

ولما كان هذا النفي عامًّا في جميع الأحوال، إن حمل ظاهر اللفظ على ظاهره، أي: لا أبوة نسب، ولا أبوة ادعاء، وقد كان تقرر فيما تقدم أن الرسول - صلى الله عليه وسلم -، أب للمؤمنين كلهم، وأزواجه أمهاتهم، فاحترز أن يدخل في هذا النوع، بعموم النهي المذكور، فقال: {وَلَكِنْ رَسُولَ اللَّهِ وَخَاتَمَ} أي: هذه مرتبته مرتبة المطاع المتبوع، المهتدى به، المؤمن له الذي يجمب تقديم محبته على محبة كل أحد، الناصح الذي لهم، أي: للمؤمنين، من بره ونصحه كأنه أب لهم. (?)

فقوله: {مَا كَانَ مُحَمَّدٌ أَبَا أَحَدٍ مِنْ رِجَالِكُمْ} نهي من الله تعالى أن يقال بعد هذا: زيد بن محمد، أي: لم يكن أباه وإن كان قد تبناه فإنه - صلى الله عليه وسلم -، لم يعش له ولد ذكر حتى بلغ الحلم؛ فإنه ولد له القاسم، والطيب، والطاهر، من خديجة فماتوا صغارًا، وولد له إبراهيم من مارية القبطية، فمات أيضًا رضيعًا. (?)

طور بواسطة نورين ميديا © 2015