الوجة الثاني: هذه القصة ليست فيها خلوة.
لو نظرنا إلى سياق الحديث لوجدنا أن المرأة معها صبي، كما جاء في بعض طرقه: قال: "جاءت امرأة من الأنصار إلى رسول الله ومعها صبي لها" (?).
وفي سياق الحديث: أن النبي - صلى الله عليه وسلم - كان مع الناس، ثم جاءت المرأة فتنحى بها، وهما أمام الناس.
قال البدر العيني: وجاء في بعض طرقه أنه كان معها صبي أيضًا، فصح أنه كان عند الناس، ولاسيما أنهم سمعوا قوله: "أنتم أحب الناس إلي" يريد بهم الأنصار وهم قوم المرأة (?).
قال النووي: وأما المراد بالخلوة أنها سألته خفية بحضرة الناس، ولم تكن خلوة مطلقة، وهي الخلوة المنهي عنها (?).
في الحديث أن أنس - رضي الله عنه - سمع بعض كلام النبي - صلى الله عليه وسلم -، وهذا يدل على أنها ليست بخلوة، فقوله (فخلا بها) يدل على أنه كان مع الناس فتنحى بها ناحيةً، لأن أنسًا سمع قوله: (والله إِنَّكُم لأَحَبُّ النَّاسِ إِلَيّ) (?).
الوجة الثالث: تحذير النبي - صلى الله عليه وسلم - من الخلوة بالنساء.
عَنْ عُقْبَةَ بْنِ عَامِرٍ أَنَّ رَسُولَ الله - صلى الله عليه وسلم - قَالَ: "إِيَّاكُمْ وَالدُّخُولَ عَلَى النِّسَاءِ، فَقَالَ رَجُلٌ مِنْ الْأَنْصَارِ: يَا رَسُولَ الله أَفَرَأَيْتَ الْحَمْوَ؟ قَالَ: الْحَمْوُ المُوْتُ" (?).
قال ابن حجر: فقَوْله: "إِيَّاكُمْ وَالدُّخُول" بِالنَّصْبِ عَلَى التَّحْذِير، وَتَقْدِير الْكَلَام: اتَّقُوا أَنفُسكُمْ أَنْ تَدْخُلُوا عَلَى النِّسَاء، وَالنِّسَاء أَنْ يَدْخُلْنَ عَلَيْكُمْ، وأما الْحَمْو: فهو أَخُو الزَّوْج، وَمَا أَشْبَهَهُ مِنْ أَقَارِب الزَّوْج، اِبْن الْعَمّ وَنَحْوه، قالَ التِّرْمِذِيّ: يُقَال هُوَ أَخُو الزَوْج، كُرِهَ لَهُ أَنْ يَخْلُو بِهَا، وَمَعْنَى الحدِيث عَلَى نَحْو مَا رُوِيَ "لَا يَخْلُوَنّ رَجُل بِامْرَأَةٍ فَإِنَّ ثَالِثهمَا