ذلك من صفات يكون لها الأثر الأقوى في تكوين أخلاق المرء وتكييفها وطبعها بطابع معيّن خيرًا كان ذلك الطابع أو شرًا حسنًا أو قبيحًا.
ويؤيد هذا علم القيافة. الذي أقره الرسول - صلى الله عليه وسلم - فعن عائشة - رضي الله عنهما -: أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - دخل عليها مسرورًا تبرق أسارير وجهه فقال: "ألم تسمعي ما قال المدلجي لزيد وأسامة ورأى أقدامهما" فقال: "إنّ بعض هذه الأقدام من بعض". (?)
يدل عليه قوله تعالى حاكيًا عن نبي الله نوح - عليه السلام -: {وَقَالَ نُوحٌ رَبِّ لَا تَذَرْ عَلَى الْأَرْضِ مِنَ الْكَافِرِينَ دَيَّارًا (26) إِنَّكَ إِنْ تَذَرْهُمْ يُضِلُّوا عِبَادَكَ وَلَا يَلِدُوا إِلَّا فَاجِرًا كَفَّارًا} (نوح: 27: 26).
يقول ابن كثير: أي فاجرًا في الأعمال، كافر القلب، وذلك لخبرته بهم، ومكثه بين أظهرهم ألف سنة إلا خمسين عامًا. ويدخل في هذا المفهوم قوله - صلى الله عليه وسلم -: "ما من مولود إلا يولد على الفطرة، فأبواه يهودانه أو ينصرانه أو يمجسانه، كما تنتج البهيمة بهيمة جمعاء، هل تحسون فيها من جدعاء". (?)
يقول أبو هريرة - رضي الله عنه -: واقرأوا إن شئتم: {فِطْرَتَ اللَّهِ الَّتِي فَطَرَ النَّاسَ عَلَيْهَا لَا تَبْدِيلَ لِخَلْقِ اللَّهِ} [الروم: 30]. وبهذا يثبت أنّ الولد يتأثر بأبويه من ناحية الجسم والبنية، ومن ناحية العقل والذكاء، ومن ناحية الفكر والعقيدة، قليلًا أو كثيرًا، سلبًا أو إيجابًا، وذلك بإرادة الله وقدرته، إذا عُرف هذا ننظر إلى نسب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ومدى تأثره به.
يقول الأستاذ الدكتور أحمد غلوش: هيأت عناية الله تعالى سلسلة ممتازة من الآباء والأجداد للنبي - صلى الله عليه وسلم - ليأخذ منها عن طريق الوراثة كثيرًا من الخلق والطبائع.
وقد وردت في هذا المضمار نصوص كثيرة تدل على أنّ نسب النبي - صلى الله عليه وسلم - هو أفضل الناس نسبًا. من ذلك ما جاء عن واثلة بن الأسقع قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "إن الله اصطفى كنانة من ولد إسماعيل، واصطفى قريشًا من كنانة، واصطفى من قريش بني