واعلم أن على هذا التأويل تصير الآية حجة لنا، وذلك لأن يونس - عليه السلام - ظن أنه مخير إن شاء أقام وإن شاء خرج، وأنه تعالى لا يضيق عليه في اختياره، وكان في المعلوم أن الصلاح في تأخر خروجه، وهذا من الله تعالى بيان لما يجري مجرى العذر له من حيث خرج، لا على تعمد المعصية لكن لظنه أن الأمر في خروجه موسع يجوز أن يقدم ويؤخر، وكان الصلاح خلاف ذلك. (?)
ونسب هذا القول إلى الجمهور الشوكاني. (?)
الوجه الثالث: نقدر عليه، أي: نقض عليه بعقوبة.
وإطلاق "نقدر" بمعنى "نقضي" في القرآن ومنه قوله: {نَحْنُ قَدَّرْنَا بَيْنَكُمُ الْمَوْتَ وَمَا نَحْنُ بِمَسْبُوقِينَ (60)} [الواقعة: 60]، وعلى هذا فهو من القدر الذي هو بمعنى القضاء والحكم دون القدرة والاستطاعة. (?)
والعرب تقول: قدَر وقَدّر بمعنى واحد. (?)
وعليه فهو من القدر والقضاء. "وقدر" بالتخفيف تأتي بمعنى "قدر" المضعفة: ومنه قوله تعالى: {فَالْتَقَى الْمَاءُ عَلَى أَمْرٍ قَدْ قُدِرَ} أي قدره الله.
ومنه قول الشاعر وأنشده ثعلب شاهدًا لذلك:
فليست عشيات الحمى برواجع ... لنا أبدًا ما أورق السلم النضر
ولا عائذ ذاك الزمان الذي مضى ... تباركت ما تقدر يقع ولك الشكر.
والعرب تقول: قدر الله لك الخير يقدره قدرًا، كضرب يضرب، ونصر ينصر، بمعنى قدره لك تقديرًا. ومنه على أصح القولين "ليلة القدر" لأن الله يقدر فيها الأشياء. كما قال