القول الثاني:

قال ابن قتيبة: وقد جعل الله سبحانه للملائكة من الاستطاعة أن تتمثل في صور مختلفة وأتى رسولَ الله - صلى الله عليه وسلم - جبريلُ - عليه السلام - في صورة دحية الكلبي وفي صورة أعرابي، ورآه مرة قد سد بجناحيه ما بين الأفقين، وكذلك جعل للجن أن تتمثل وتتخيل في صور مختلفة كما جعل للملائكة قال الله عز وجل: {فَأَرْسَلْنَا إِلَيْهَا رُوحَنَا فَتَمَثَّلَ لَهَا بَشَرًا سَوِيًّا}، وليس ما تنتقل إليه من هذه الأمثل على الحقائق إنما هي تمثيل وتخييل لتلحقها الأبصار، ولما تمثل ملك الموت لموسى - عليه السلام - وهذا ملك الله وهذا نبي الله وجاذبه لطمه موسى لطمة أذهبت العين التي هي تخييل وتمثيل وليست حقيقة وعاد ملك الموت - عليه السلام - إلى حقيقة خلقته الروحانية كما كان لم ينتقص منه شيء (?).

القول الثالث: ذكره النووي عن بعض العلماء في شرحه علي صحيح مسلم حيث قال: أَنَّهُ لَا يَمْتَنِع أَنْ يَكُونَ مُوسَى - صلى الله عليه وسلم - قَدْ أَذِنَ الله تَعَالَى لَهُ فِي هَذِهِ اللَّطْمَة، وَيَكُون ذَلِكَ اِمْتِحَانًا لِلْمَلْطُومِ، وَالله سُبْحَانه وَتَعَالَى يَفْعَلُ فِي خَلْقه مَا شَاءَ، وَيَمْتَحِنُهُمْ بِمَا أَرَادَ (?).

ونقل ابن الجوزي أن ابن عقيل جوز هذا حيث قال: قال ابن عقيل: يجوز أن يكون موسى قد أذن له في ذلك الفعل بملك الموت وابتلي ملك الموت بالصبر عليه كقصة الخضر مع موسى (?).

كما نقل ذلك ابن حجر في الفتح حيث ذكر كلام ابن عقيل في المسألة (?).

القول الرابع: ذهب إلية القرطبي في تفسيره حيث قال: أن موسى - صلى الله عليه وسلم - عرف ملك الموت، وأنه جاء ليقبض روحه لكنه جاء مجيء الجزم بأنه قد أمر بقبض روحه من غير تخيير، وعند موسى ما قد نص عليه نبينا محمد - صلى الله عليه وسلم - من "أن الله لا يقبض روح نبي حتى يخيره" (?)، فلما جاءه على غير الوجه الذي أعلم بادر بشهامته وقوة نفسه إلى أدبه، فلطمه

طور بواسطة نورين ميديا © 2015