الوجه الثالث: أنه -إن صح- أيضًا؛ فإنما كانت تلك الخشية في عهد عمر، ثم زالت، وقد قال عروة نفسه: "وكنا نقول لا نتخذ كتابًا مع كتاب الله، فمحوت كتبي، فوالله لوددت أن كتبي عندي، وإن كتاب الله قد استمرت مريرته (?) " يعني قد استقر أمره، وعلمت مزيته، وتقرر في أذهان الناس أنه الأصل، والسنة بيان له، فزال ما كان يخشى من أن يؤدي وجود كتاب للحديث؛ إلى أن يكب الناس عليه، ويدعوا القرآن.
الخامس: وما روي عن يحيى بن جعده: أن عمر بن الخطاب أراد أن يكتب السنة، ثم بدا له أن لا يكتبها، ثم كتب إلى الأمصار من كان عنده شيء؛ فليمحه (?).
السادس: ما روى عن عبد الله بن العلاء قال: سألت القاسم بن محمد أن يملى على أحاديث فقال: إن الأحاديث كثرت على عهد عمر بن الخطاب، فأنشد الناس أن يأتوه بها، فلما أتوه بها أمر بتحريقها: مثناة كمثناة أهل الكتاب، قال: فمنعني القاسم بن محمد يومئذ أن أكتب حديثًا. (?)
السابع: ما روي عن جابر بن عبد الله بن يسار قال: سمعت عليًا يخطب يقول: أعزم على كل من عنده كتاب إلا رجع فمحاه؛ فإنما هلك الناس حين تتبعوا أحاديث علمائهم، وتركوا كتاب ربهم) (?).
والجواب عليه من وجوه:
الوجه الأول: الأثر لا يصح؛ فلا يحتج به.