الحبشة أن أهل مكة قد أسلموا كلهم فرجعوا إلى عشائرهم وقالوا: هم أحب إلينا فوجدوا القوم قد ارتكسوا حين نسخ الله ما ألقى الشيطان" (?)
ثالثًا: مرسل محمد بن كعب القرظي:
قال: لما رأى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - تولي قومه عنه، وشق عليه ما يرى من مباعدتهم ما جاءهم به من عند الله تمنى في نفسه أن يأتيه من الله ما يقارب به بينه وبين قومه وكان يسره مع حبه وحرصه عليهم أن يلين له بعض ما غلظ عليه من أمرهم حين حدث بذلك نفسه وتمنى وأحبه فأنزل الله: {وَالنَّجْمِ إِذَا هَوَى (?) مَا ضَلَّ صَاحِبُكُمْ وَمَا غَوَى} [النجم: 1, 2]، فلما انتهى إلى قول الله {أَفَرَأَيْتُمُ اللَّاتَ وَالْعُزَّى (19) وَمَنَاةَ الثَّالِثَةَ الْأُخْرَى (20)} [النجم: 19، 20] ألقى الشيطان على لسانه لما كان يحدث به نفسه ويتمنى أن يأتي به قومه: تلك الغرانيق العلى وإن شفاعتهن ترتضى فلما سمعت قريش ذلك فرحوا وسرهم وأعجبهم ما ذكر به آلهتهم فأصاخوا له والمؤمنون مصدقون نبيهم فيما جاءهم به عن ربهم ولا يتهمونه على خطأ ولا وهم ولا زلل فلما انتهى إلى السجدة منها وختم السورة سجد فيها فسجد المسلمون بسجود نبيهم تصديقًا لما جاء به واتباعًا لأمره وسجد من في المسجد من المشركين من قريش وغيرهم لما سمعوا من ذكر آلهتهم فلم يبق في المسجد مؤمن ولا كافر إلا سجد إلا الوليد بن المغيرة فإنه كان شيخًا كبيرًا فلم يستطع فأخذ بيده حفنة من البطحاء فسجد عليها ثم تفرق الناس من المسجد وخرجت قريش وقد سرهم ما سمعوا من ذكر آلهتهم يقولون: قد ذكرنا محمد آلهتنا بأحسن الذكر وقد زعم فيما يتلو أنه الغرانيق العلى وأن شفاعتهن ترتضى وبلغت السجدة من بأرض الحبشة من أصحاب رسول الله