وجه العبادة من بعضهم لبعض، قول أعشى بني ثعلبة:

فَلَمَّا أَتَانَا بُعَيْدَ الكَرَى ... سَجَدْنَا لَهُ وَرَفَعْنَا العَمَارَا (?)

فكانت تحية من قبلنا، كان يحيي بعضهم بعضًا، فأعطى الله تعالى هذه الأمة السلام تحية أهل الجنة كرامة من الله تبارك وتعالى عجلها لهم نعمة منه، فسجودهم جارٍ مجرى التحية والتكرمة كالقيام، والمصافحة، وتقبيل اليد، ونحوها من عادات الناس الفاشية في التعظيم والتوقير. (?)

الوجه الرابع: هذا السجود كان تحية لا عبادة، وقد نسخ ذلك في شريعتنا.

قال ابن العربي: قَالَ الْعُلَمَاءُ: كَانَ هَذَا سُجُودَ تَحِيَّةٍ لَا سُجُودَ عِبَادَةٍ، وَهَكَذَا كَانَ سَلَامُهُمْ بِالتَّكْبِيرِ وَهُوَ الِانْحِنَاء، وَقَدْ نَسَخَ الله فِي شَرْعِنَا ذَلِكَ، وَجَعَلَ الْكَلَامَ بَدَلًا عَنْ الِانْحِنَاءِ وَالْقِيَامِ (?).

قال القرطبي: وأجمع المفسرون أن ذلك السجود على أي وجه كان فإنما كان تحية لا عبادة، قال قتادة: هذه كانت تحية الملوك عندهم، وأعطى الله هذه الأمة السلام تحية أهل الجنة (?).

قال ابن كثير: وقد كان هذا سائغًا في شرائعهم إذا سلَّموا على الكبير يسجدون له، ولم يزل هذا جائزًا من لدن آدم إلى شريعة عيسى - عليه السلام - فحرم هذا في هذه الملة، وجُعل السجود مختصًا بجناب الرب سبحانه وتعالى، هذا مضمون قول قتادة وغيره (?).

طور بواسطة نورين ميديا © 2015