ومن المفارقات الغريبة في هذا الصدد، أن يكون الإسلام - قد اختص من بين كل الديانات التي عرفها الإنسان سماوية كانت أم أرضية بأكبر قدر من الهجوم وإثارة الشبهات حوله.

ووجه الغرابة في ذلك يتمثل في أن الإسلام في الوقت الذي جاء فيه يعلن للناس الكلمة الأخيرة لدين الله لم ينكر أيًّا من أنبياء الله السابقين ولا ما أنزل عليهم من كتب سماوية، ولم يجبر أحدًا من أتباع الديانات السماوية السابقة على اعتناق الإسلام. ولم يقتصر الأمر على عدم الإنكار، وإنما جعل الإسلام الإيمان بأنبياء الله جميعًا وما أنزل عليهم من كتب عنصرًا أساسيًّا من عقيدة كل مسلم، بحيث لا تصح هذه العقيدة بدونه.

ومن شأن هذا الموقف المتسامح للإسلام إزاء الديانات السابقة أن يقابل بتسامح مماثل؛ وأن يقلل من عدد المناهضين للإسلام، ولكن الذي حدث كان على العكس من ذلك تمامًا. فقد وجدنا الإسلام -على مدى تاريخه- يتعرض لحملات ضارية من كل اتجاه. وليس هناك في عالم اليوم دين من الأديان يتعرض لمثل ما يتعرض له الإسلام في الإعلام الدولي من ظلم فادح وافتراءات كاذبة.

وهذا يبين لنا أن هناك جهلًا فاضحًا بالإسلام، وسوء فهم لتعاليمه، سواء كان ذلك بوعي أو بغير وعي، وأن هناك خلطًا واضحًا بين الإسلام كدين وبعض التصرفات الحمقاء التي تصدر من بعض أبناء المسلمين باسم الدين وهو منها براء (?).

إن أعداء الجماعة المسلمة لم يكونوا يحاربونها في الميدان بالسيف والرمح فحسب؛ ولم يكونوا يؤلبون عليها الأعداء ليحاربوها بالسيف والرمح فحسب؛ إنما كانوا يحاربونها أولًا في عقيدتها. كانوا يحاربونها بالدس والتشكيك، ونثر الشبهات وتدبير المناورات!

كانوا يعمدون أولًا إلى عقيدتها الإيمانية التي منها انبثق كيانها، ومنها قام وجودها، فيعملون فيها معاول الهدم والتوهين. ذلك أنهم كانوا يدركون كما يدركون اليوم تمامًا - أن هذه الأمة لا تؤتى إلا من هذا المدخل، ولا تهن إلا إذا وهنت عقيدتها، ولا تهزم إلا إذا

طور بواسطة نورين ميديا © 2015