غيظ ورعب لأعداء هذا الدين؛ ولأعداء الجماعة المسلمة في كل حين إن الإسلام بذاته يؤذيهم ويغيظهم ويخيفهم. فهو من القوة ومن المتانة بحيث يخشاه كل مبطل، ويرهبه كل باغ، ويكرهه كل مفسد. إنه حرب بذاته وبما فيه من حق أبلج، ومن منهج قويم، ومن نظام سليم. إنه بهذا كله حرب على الباطل والبغي والفساد. ومن ثم لا يطيقه المبطلون البغاة المفسدون. ومن ثم يرصدون لأهله ليفتنوهم عنه، ويردوهم كفارًا في صورة من صور الكفر الكثيرة.
ذلك أنهم لا يأمنون على باطلهم وبغيهم وفسادهم، وفي الأرض جماعة مسلمة تؤمن بهذا الدين، وتتبع هذا المنهج، وتعيش بهذا النظام.
وتتنوع وسائل قتال هؤلاء الأعداء للمسلمين وأدواته، ولكن الهدف يظل ثابتًا، على أن يردوا المسلمين الصادقين عن دينهم إن استطاعوا. وكلما انكسر في يدهم سلاح انتضوا سلاحًا غيره، وكلما كلت في أيديهم أداة شحذوا أداة غيرها. والخبر الصادق من العليم الخبير قائم يحذر الجماعة المسلمة من الاستسلام، وينبهها إلى الخطر؛ ويدعوها إلى الصبر على الكيد، والصبر على الحرب، وإلا فهي خسارة الدنيا والآخرة؛ والعذاب الذي لا يدفعه عذر ولا مبرر: قال تعالى: {وَلَا يَزَالونَ يُقَاتِلُونَكُمْ حَتَّى يَرُدُّوكُمْ عَنْ دِينِكُمْ إِنِ اسْتَطَاعُوا وَمَنْ يَرْتَدِدْ مِنْكُمْ عَنْ دِينِهِ فَيَمُتْ وَهُوَ كَافِرٌ فَأُولَئِكَ حَبِطَتْ أَعْمَالهُمْ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ وَأُولَئِكَ أَصْحَابُ النَّارِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ (217)} [البقرة: 217].
ومن يرتدد عن الإسلام وقد ذاقه وعرفه؛ تحت مطارق الأذى والفتنة -مهما بلغت- هذا مصيره الذي قرره الله له حبوط العمل في الدنيا والآخرة. ثم ملازمة العذاب في النار خلودًا (?).
وعندما ظهر الإسلام منذ أكثر من أربعة عشر قرنًا من الزمان، لم يتوقف سيل الشبهات التي يثيرها المشككون من خصوم هذا الدين، تشكيكًا في مصادره، أو في نبيه، أو في مبادئه وتعاليمه. ولا تزال الشبهات القديمة تظهر حتى اليوم في أثواب جديدة يحاول مروجوها أن يضيفوا عليها طابعًا علميًّا زائفًا.