ونفي صفتي السِنَة والنوم عنه؛ لأنهما من صفات النقص، فيجب نفيهما وإثبات كمال الحياة والقيومية .... وهكذا في سائر الصفات.

قال شيخ الإسلام ابن تيمية: إن الله سبحانه موصوف بالإثبات والنفي، فالإثبات: كإخباره بأنه بكل شيء عليم، وعلى كل شيء قدير، وأنه سميع بصير ونحو ذلك.

والنفي: كقوله: {لَا تَأْخُذُهُ سِنَةٌ وَلَا نَوْمٌ} (البقرة: 255).

وينبغي أن يعلم أن النفي ليس فيه مدح ولا كمال إلا إذا تضمن إثباتًا، وإلا فمجرد النفي ليس فيه مدح ولا كمال، لأن النفي المحض عدم محض، والعدم المحض ليس بشيء، وما ليس بشيء فهو كما قيل: ليس بشيء فضلًا عن أن يكون مدحا أو كمالا؛ ولأن النفي المحض يوصف به المعدوم والممتنع، والمعدوم والممتنع لا يوصف بمدح ولا كمال، فلهذا كان عامة ما وصف الله به نفسه من النفي متضمنا لإثبات مدح كقوله: {اللَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ الْحَيُّ الْقَيُّومُ لَا تَأْخُذُهُ سِنَةٌ وَلَا نَوْمٌ} (البقرة: 255) إلى قوله: {وَلَا يَئُودُهُ حِفْظُهُمَا} (البقرة: 255)، فنفي السنة والنوم يتضمن كمال الحياة والقيومية، فهو مبين لكمال أنه الحي القيوم.

وكذلك قوله: {وَلَا يَئُودُهُ حِفْظُهُمَا} أي: لا يُكرثه ولا يُثقله، وذلك مستلزم لكمال قدرته وتمامها، بخلاف المخلوق القادر إذا كان يقدر على الشيء بنوع كلفة ومشقة، فإن هذا نقص في قدرته وعيب في قوته.

وكذلك قوله: {لَا يَعْزُبُ عَنْهُ مِثْقَال ذَرَّةٍ فِي السَّمَاوَاتِ وَلَا فِي الْأَرْضِ} (سبأ: 3) فإن نفي العزوب مستلزم لعلمه بكل ذرة في السماوات والأرض، وإذا تأملت ذلك وجدت كل نفي لا يستلزم ثبوتا هو مما لم يصف الله به نفسه، فالذين لا يصفونه إلا بالسلوب لم يثبتوا في الحقيقة إلهًا محمودًا؛ بل ولا موجودًا، وكذلك من شاركهم في بعض ذلك كالذين قالوا: لا يتكلم أو لا يرى، أو ليس فوق العالم أو لم يستو على العرش، ويقولون: ليس بداخل

طور بواسطة نورين ميديا © 2015