وأخذت ترنو في طمع إلى ما حولها من البلاد الأخرى، إضافة إلى أن مصر وبلاد الشرق عامة، كانوا يعانون من حكم الأتراك العلمانيين، بعد سقوط الخلافة الإسلامية، وبالطبع كان الحال يسير للأسوأ، وكانت الظروف تعتبر مواتية لتحقيق الأطماع الأوروبية في البلاد الشرقية.
ورفض البطريرك المصري هذا العرض السخيف، ورد عليه بسخرية واستهزاء، ووفدت إلى مصر إرساليات بروتستانتية، كان من أهمها الإرسالية البريطانية والإرسالية الأمريكية عن طريق الشام.
وكانت خطة الأمريكيين هي القضاء على الكنيسة القبطية، وضم أبنائها إلى كنيسة بروتستانتية جديدة، بينما كانت خطة الإنجليز هي الإبقاء على كنيسة مصر مع التغلغل فيها والسيطرة عليها من الداخل.
وعملت الإرساليات الأمريكية على أن تنشأ المدارس الدينية للصغار والصبية في المراكز الرئيسية في القطر المصري، كالقاهرة والإسكندرية وأسيوط.
وبدأ نزول المبشرين الأمريكيين إلى مصر سنة 1845 م، وأنشأوا أول مدرسة لهم سنة 1855 م، وأنشاوا كلية أسيوط سنة 1865، وبلغت مدارس الإرسالية سنة 1897 نحو 168 مدرسة يدرس بها 11014 تلميذًا، وكانت كلما تكونت جالية بروتستانتية من المصريين في منطقة، أعطى المبشرون إليها المدرسة، لينشئوا غيرها في مكان آخر.
وقد عارضت الكنيسة القبطية المصرية هذا النشاط، وسافر بطريرك القبط إلى أسيوط على ظهر باخرة نيلية وضعها تحت إمرته الخديوي إسماعيل، وعمل على الوقوف في وجه النشاط البروتستانتي، وعلى منع القبط من إرسال أبنائهم إلى مدارس التبشير، وطاف والكهنة على البيوت يحرمون على كل أب إرسال أولاده إلى هذه المدارس، وأعلنت الحروم الكنسية ضد من يرسل أولاده إلى مدارس الإرساليات أو يزور مكتباتها أو يقرأ كتبها أو يصافي أو يصادق أحدا من المبشرين. (?)