حسد وبغض، وإذا هو هم في جمعه، وهم في حفظه، وهم لفراقه.
ويمنح الله الذرية مع رحمته فإذا هي زينة الحياة الدنيا، ومصدر فرح، ومضاعفة للأجر، ويمسك عنها رحمته فإذا الذرية بلاء ونكد، وعنت وشقاء، وسهر بالليل، وتعب بالنهار.
فالمال والبنون مع الرحمة زينة وسعادة: {الْمَالُ وَالْبَنُونَ زِينَةُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَالْبَاقِيَاتُ الصَّالِحَاتُ خَيْرٌ عِنْدَ رَبِّكَ ثَوَابًا وَخَيْرٌ أَمَلًا (46)} [الكهف: 46].
والمال والبنون بدون رحمة الله شقاء ونكد: {فَلَا تُعْجِبْكَ أَمْوَالُهُمْ وَلَا أَوْلَادُهُمْ إِنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيُعَذِّبَهُمْ بِهَا فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَتَزْهَقَ أَنْفُسُهُمْ وَهُمْ كَافِرُونَ (55)} [التوبة:55].
إن العمر الطويل، والعلم الغزير، والمال الوفير، والمقام الطيب، كل ذلك يتبدل ويتغير من حال إلى حال مع الإمساك ومع الإرسال.
ومن رحمة الله أن تحس برحمة الله، فرحمته واسعة، وهي تضمك وتغمرك، ولكن شعورك بوجودها هو الرحمة.
إن رحمة الله لا تعز على طالبها في أي مكان، وفي أي زمان، وعلى أي حال.
وجدها إبراهيم - صلى الله عليه وسلم - في النار .. ووجدها نوح (في لجة البحر .. ووجدها يوسف (في الجب، كما وجدها في السجن، كما وجدها في الملك .. ووجدها يونس (في بطن الحوت .. ووجدها موسى (في اليم وهو طفل مجرد من كل قوة، ومن كل حراسة، كما وجدها في قصر فرعون .. ووجدها أصحاب الكهف في الكهف، حين افتقدوها في القصور والدور.
ووجدها محمد - صلى الله عليه وسلم - في الغار، وفي طريق الهجرة، وفي بدر، وفي فتح مكة، وفي جميع أحواله - صلى الله عليه وسلم -.
ووجدها ويجدها كل من آوى إليها، يائساً من كل ما سواها، منقطعاً عن كل شبهة في قوة، وعن كل مظنة في رحمة، قاصداً باب الله وحده دون جميع الأبواب، وما بين الناس ورحمة الله إلا أن يطلبوها مباشرة منه، فهو الذي