والإحسان إلى الخلق نوعان:

الأول: إحسان عام يستطيعه كل إنسان ببذل المال، وطيب الكلام.

الثاني: إحسان خاص لا يستطيعه إلا خواص الخلق، وهو الإحسان إلى من أساء إليك، خاصة من له حق كبير عليك كالأقارب والأصحاب، فمن أساء إليك منهم فقابل إساءته بالإحسان إليه.

فإن قطعك فصِلْهُ .. وإن ظلمك فاعفُ عنه .. وإن حرمك فأعطِه .. وإن هجرك فطيب له الكلام .. وابذل له السلام .. فإذا قابلت الإساءة بالإحسان .. حصلتْ فوائد عظيمة للطرفين.

ولا يستوي عند الله ولا عند الخلق فعل الحسنات والطاعات التي يحبها الله، وفعل السيئات والمعاصي التي يبغضها الله، كما لا يستوي الإحسان إلى الخلق ولا الإساءة إليهم.

بل ذلك كله مختلف في الذات والصفات والجزاء: {وَلَا تَسْتَوِي الْحَسَنَةُ وَلَا السَّيِّئَةُ ادْفَعْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ فَإِذَا الَّذِي بَيْنَكَ وَبَيْنَهُ عَدَاوَةٌ كَأَنَّهُ وَلِيٌّ حَمِيمٌ (34)} [فصلت: 34].

فالنفوس مجبولة على مقابلة المسيء بإساءته، وعدم العفو عنه، فكيف بالإحسان إليه؟.

ولا يصل إلى هذه الرتبة العالية إلا من صبر، وعرف جزيل الثواب، وامتثل أمر ربه: {وَمَا يُلَقَّاهَا إِلَّا الَّذِينَ صَبَرُوا وَمَا يُلَقَّاهَا إِلَّا ذُو حَظٍّ عَظِيمٍ (35)} [فصلت: 35].

وكل ما خلقه الله عزَّ وجلَّ فيه إحسان إلى عباده يشكر عليه، وله فيه حكمة تعود إليه، يستحق أن يحمد عليها لذاته.

وجميع المخلوقات فيها إنعام على عباده يحصل بها هدايتهم، وتدل على وحدانيته، وصدق أنبيائه، وهي توجب الشكر لما فيها من النعم، وتوجب التذكر لما فيها من الدلالة على عظمة الله وقدرته، وما يحصل بها من الإيمان والعلم والعمل.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015