يريد، ويخرج منها المنافع على مدى الدهور والأزمان.
فلكل نجم أو كوكب فلك يدور فيه لا يتجاوزه، والمسافات بين النجوم والكواكب مسافات هائلة مقدرة، والكل يسير بأمر الله: {لَا الشَّمْسُ يَنْبَغِي لَهَا أَنْ تُدْرِكَ الْقَمَرَ وَلَا اللَّيْلُ سَابِقُ النَّهَارِ وَكُلٌّ فِي فَلَكٍ يَسْبَحُونَ (40)} [يس: 40].
إن حركة هذه الأجرام الهائلة في الفضاء أشبه بحركة السفن في البحار الواسعة، وهي مع ضخامتها لا تزيد على أن تكون نقطة سابحة في ذلك الفضاء الواسع، الذي خلقه الواسع العليم.
فسبحان من أمسك هذه وهذه .. وسيّر هذه وهذه.
وما أعظم من خلق هذه الملايين التي لا تحصى من النجوم الدوارة، والكواكب السيارة، ونثرها وسيّرها في ذلك الفضاء الفسيح.
والله تبارك وتعالى على كل شيء قدير، يخلق ما يشاء، ويستوي عنده خلق الكبير والصغير، ولا يختلف عنده في التكوين شيء عن شيء، سواء كان هذا المخلوق سماءً أو أرضاً، أو ذرة أو جبلاً، أو قطرة أو بحراً، أو بعوضة أو فيلاً، أو نملة أو جملاً.
خلق هذا وذاك عند الله سواء: {إِنَّمَا أَمْرُهُ إِذَا أَرَادَ شَيْئًا أَنْ يَقُولَ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ (82)} [يس: 82].
فليس هناك أمام قدرة الله صعب ولا سهل، ولا قريب ولا بعيد، ولا صغير ولا كبير، فتوجه الإرادة لخلق شيء كافٍ لوجوده كائناً ما كان: {فَسُبْحَانَ الَّذِي بِيَدِهِ مَلَكُوتُ كُلِّ شَيْءٍ وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ (83)} [يس: 83].
إن آيات الله الدالة على عظمته، وعلى قدرته، وعلى عظمة خلقه، موجودة منذ بداية الخلق، وجميعها تنبئ بعظمة الخالق جل جلاله، وتجذب الإنسان للانقياد لربه، والتسليم له، والتسبيح بحمده.
ثم يعطي الله سبحانه عطاءً متجدداً بعد ذلك لكل جيل غير الجيل الذي قبله، وذلك ليعلم الناس أن الله سبحانه قائم على ملكه، لا يتخلى عنه لحظة واحدة،