فيحاسب الله الناس على ما يقع من عملهم، لا على مجرد ما يعلمه سبحانه من أمرهم.
وهذا فضل من الله في جانب، وعدل من جانب، وتربية للناس من جانب، فلا يأخذون أحداً إلا بما استعلن من أمره، وبما حققه فعله، فليسوا بأعلم من الله بحقيقة ما في قلبه.
إن الإيمان بالله أمانة الله في الأرض لا يحملها إلا من هم أهل لها، وفيهم على حملها قدرة، الذين يؤثرونها على كل شيء.
وإنها لأمانة الخلافة في الأرض، وقيادة الناس إلى طريق الله، وتحقيق كلمته في عالم الحياة، فهي أمانة كريمة وهي أمانة ثقيلة، وهي من أمر الله، يضطلع بها الناس، ومن ثم تحتاج إلى طراز خاص يصبر على البلاء.
وما يستوي عند الله الإيمان والكفر، ولا المؤمنون والكفار، ولا الأبرار والفجار، فلكل فكر، ولكل عمل، ولكل علامة، ولكل جزاء.
{أَفَمَنْ كَانَ مُؤْمِنًا كَمَنْ كَانَ فَاسِقًا لَا يَسْتَوُونَ (18) أَمَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ فَلَهُمْ جَنَّاتُ الْمَأْوَى نُزُلًا بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونَ (19) وَأَمَّا الَّذِينَ فَسَقُوا فَمَأْوَاهُمُ النَّارُ} [السجدة: 18 - 20].
إن بين طبيعة الإيمان وطبيعة كل من النور والبصر والظل والحياة صلة، كما أن بين طبيعة الكفر وطبيعة كل من العمى والظلمة والحرور والموت صلة كما قال سبحانه: {وَمَا يَسْتَوِي الْأَعْمَى وَالْبَصِيرُ (19) وَلَا الظُّلُمَاتُ وَلَا النُّورُ (20) وَلَا الظِّلُّ وَلَا الْحَرُورُ (21) وَمَا يَسْتَوِي الْأَحْيَاءُ وَلَا الْأَمْوَاتُ إِنَّ اللَّهَ يُسْمِعُ مَنْ يَشَاءُ وَمَا أَنْتَ بِمُسْمِعٍ مَنْ فِي الْقُبُورِ (22)} [فاطر: 19 - 22].
إن الإيمان نور في القلب، ونور في الجوارح، ونور في الحواس، نور يكشف حقائق الأشياء والقيم، وينسبها إلى خالقها ومدبرها ومالكها وهو الله، فالمؤمن ينظر بهذا النور.
أما الكفر فهو عمى في القلب، يعمي عن رؤية دلائل الحق، وعمى عن رؤية