والإيمان بالله تحرر من العبودية للهوى .. ومن العبودية للعبيد .. ومن تحرر من ذلك فهو أقدر على الخلافة في الأرض خلافة راشدة، من العبيد للهوى، ولبعضهم بعضاً.
وتقوى الله يقظة واعية، تصون من الاندفاع والتهور والغرور، وتوجه الجهد البشري وتضبطه، فلا يعتدي ولا يتهور، ولا يتجاوز الحدود.
والله عزَّ وجلَّ يريد من البشر أن تسير حياتهم هكذا، إيان وتقوى، متحررة من الهوى والطغيان البشري، خاشعة لله، تسير سيرة صالحة منتجة، تستحق مدد الله بعد رضاه، فلا جرم تحفها البركة، ويعمها الخير، وتنعم يالأمن.
والبركات التي يعد الله بها الذين يؤمنون ويتقون ألوان شتى:
فهي بركات بكل أنواعها وألوانها وأشكالها .. مما يخطر ببال الخلق .. وما لا يخطر ببالهم .. بركات في الدنيا، وبركات في الآخرة .. بركات في الأقوال والأعمال .. وبركات في الأنفس والأموال .. وبركات في الأوقات والأخلاق.
والذين يتصورون الإيمان بالله وتقواه مسألة تعبدية بحتة، لا صلة لها بواقع الناس في الأرض، هؤلاء لا يعرفون الإيمان، ولا يعرفون الحياة، ولا يستفيدون من الإيمان.
وما أجدرهم أن ينظروا هذه الصلة قائمة يشهد بها الله سبحانه، وكفى بالله شهيداً: {وَلَوْ أَنَّ أَهْلَ الْكِتَابِ آمَنُوا وَاتَّقَوْا لَكَفَّرْنَا عَنْهُمْ سَيِّئَاتِهِمْ وَلَأَدْخَلْنَاهُمْ جَنَّاتِ النَّعِيمِ (65) وَلَوْ أَنَّهُمْ أَقَامُوا التَّوْرَاةَ وَالْإِنْجِيلَ وَمَا أُنْزِلَ إِلَيْهِمْ مِنْ رَبِّهِمْ لَأَكَلُوا مِنْ فَوْقِهِمْ وَمِنْ تَحْتِ أَرْجُلِهِمْ مِنْهُمْ أُمَّةٌ مُقْتَصِدَةٌ وَكَثِيرٌ مِنْهُمْ سَاءَ مَا يَعْمَلُونَ (66)} [المائدة: 65، 66].
والنفس البشرية حين تستقر فيها حقيقة الإيمان، تستعلى على قوة الأرض، وتستهين بيأس الطغاة، وتنتصر فيها العقيدة على حب الحياة.
والإيمان الذي لا يفزع ولا يتزعزع هو الإيمان الذي باشر القلب، الذي يطمئن إلى النهاية فيرضاها، ويستيقن من الرجعة إلى ربه، فيطمئن إلى جواره كما قال