مع أنه كان يعيش فيها عدة سنين.
وهكذا بيئة المعاصي والنساء كلها شر وروائحها كريهة، ولا يشعر الإنسان بذلك إلا إذا نقل إلى بيئة طيبة، فيها الإيمان والطاعات، والعبادة والدعوة، والذكر وتلاوة القرآن، وتعظيم الله وحمده.
فهنا يجد القلب حاجته وغذاؤه فيلزم هذه البيئة وينفر من ضدها.
وهذه البيئة هي التي تحفظ الإيمان الموجود، وترقى الإنسان لطلب الإيمان المفقود، والأعمال المفقودة.
والإيمان هو كمال وجمال العبد، وبه ترتفع درجته في الدنيا والآخرة كما قال سبحانه: {يَرْفَعِ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَالَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ دَرَجَاتٍ وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ (11)} [المجادلة: 11].
وقد جعل الله لكل مطلوب سبباً وطريقاً يوصل إليه، والإيمان أعظم مطالب الإنسان على الإطلاق، وقد جعل الله له مواد كثيرة تجلبه وتقويه، وتزيده وتحفظه ومنها:
تدبر القرآن الكريم، وما فيه من عظمة الله، وعظمة أسمائه وصفاته، واليوم الآخر، وما به من وصف الحشر والحساب، والجنة والنار.
والنظر والتفكر في الكون وما فيه من المخلوقات الدالة على عظمة الله، ورؤية الآلاء والنعم التي سخرها الله لعباده، ومشاهدة مظاهر رحمة الله بنزول المياه، ونبات النبات، ووفرة الهواء، واستقرار الأرض، والإكثار من ذكر الله في كل وقت، والإكثار من الدعاء الذي هو مخ العبادة.
والدعوة إلى الله، وإلى دينه، والتواصي بالحق، والتواصي بالصبر، والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر.
فالداعي يسعى إلى تكميل العباد ونصحهم ليرضى الله عنهم، فيجازيه الله بتأييده ونصره، وتقوية إيمانه وهدايته كما قال سبحانه: {وَالَّذِينَ جَاهَدُوا فِينَا لَنَهْدِيَنَّهُمْ سُبُلَنَا وَإِنَّ اللَّهَ لَمَعَ الْمُحْسِنِينَ (69)} [العنكبوت: 69].