الخمسة:
الشهادتان .. وإقام الصلاة .. وإيتاء الكاة .. وصوم رمضان .. والحج.
وكان الصحابة في أول الإسلام في مكة لم يكلفوا بالصلاة والزكاة، ولا الصيام والحج.
فلما قويت الجذور واستعدت لحمل الأغصان جاءت الفروع وهي الأوامر والنواهي، ثم جاءت الأوراق والأزهار وهي الأخلاق الحسنة.
فأصبحت الأغصان والفروع مزينة ومعمورة بأوامر الله من الآداب والأخلاق والمعاشرات، وسائر الأحكام الشرعية.
وصارت البيوت والأسواق، والرجال والنساء، والمعاملات والمعاشرات، مزينة بأوامر الله في جميع الأحوال والأوقات والأماكن.
فكل من رأى هذه الشجرة شجرة الإيمان أحبها واقترب منها، لما تحمله من جمال الأخلاق كالعفو والإحسان .. والصدق والكرم .. والرحمة والشفقة .. والبذل والإيثار .. : ونحو ذلك من الأخلاق المفضية إلى هداية الناس: {ضَرَبَ اللَّهُ مَثَلًا كَلِمَةً طَيِّبَةً كَشَجَرَةٍ طَيِّبَةٍ أَصْلُهَا ثَابِتٌ وَفَرْعُهَا فِي السَّمَاءِ (24) تُؤْتِي أُكُلَهَا كُلَّ حِينٍ بِإِذْنِ رَبِّهَا وَيَضْرِبُ اللَّهُ الْأَمْثَالَ لِلنَّاسِ لَعَلَّهُمْ يَتَذَكَّرُونَ (25)} [إبراهيم: 24، 25].
والإنسان لا بدَّ له من بيئة الإيمان التي تحفظ الموجود، وترقي الإنسان لطلب المفقود، وكل مخلوق يتأثر بالبيئة التي يكون فيها.
فالإنسان إذا دخل في جو حار أو بارد تأثر بهما، فكذلك إذا دخل بيئة الإيمان والأعمال الصالحة تأثر بذلك، فزاد إيمانه، وقويت أعماله، وحسنت أخلاقه.
والإنسان لا يتأثر بالبيئة إلا إذا دخلها، فالذي يجلس في مكان الدباغة يألف الرائحة ويعتادها، فإذا نقل إلى بيئة الزهور والعطور ومكث فيها مدة تأثر بها، فإذا رجع إلى بيئته الماضية استنكرها واستقبحها.
فإذا قيل له كنت فيها أولاً، قال أعوذ بالله ومن يطيقها، ثم نفر منها وولاها ظهره،