وجاء عنده فكر القيام بالأعمال وتكثيرها وتنويعها وتحسينها، لا فكر جمع الأموال والأشياء، ثم ظهرت شعب الإيمان في حياته.
وبسبب نور الإيمان يتعلق القلب بالخالق ولا يلتفت إلى المخلوق .. ويستأنس بالخالق ويستوحش من المخلوق .. ويرى الشيء على حقيقته .. النافع نافعاً .. والضار ضاراً .. والحسن حسناً .. والقبيح قبيحاً .. والكبير كبيراً .. والصغير صغيراً .. ويميز بين الباقي والفاني .. والرخيص والغالي.
وإذا عدم الإيمان أو ضعف رأى العكس، فرأى النافع ضاراً، ورأى الضار نافعاً وهكذا.
ومن لم يكن في قلبه نور الإيمان يرى العزة بالأموال والأشياء لا بالإيمان والأعمال الصالحة، وبذلك يحرم من الأعمال الصالحة، ويتعلق قلبه بالفانية، وتظهر شعب الكفر في حياته من الكبر والكذب والنفاق والظلم.
وجهد الدين يشتمل على أمرين:
جهد لمعرفة الإيمان والأعمال .. وجهد لنشر الإيمان والأعمال.
فالأول لمعرفة الإيمان والأحكام والمسائل والعمل بذلك كما قال سبحانه: {وَمَا كَانَ الْمُؤْمِنُونَ لِيَنْفِرُوا كَافَّةً فَلَوْلَا نَفَرَ مِنْ كُلِّ فِرْقَةٍ مِنْهُمْ طَائِفَةٌ لِيَتَفَقَّهُوا فِي الدِّينِ وَلِيُنْذِرُوا قَوْمَهُمْ إِذَا رَجَعُوا إِلَيْهِمْ لَعَلَّهُمْ يَحْذَرُونَ (122)} [التوبة: 122].
والثاني لنشر وإبلاغ هذا الدين لعموم الإنسانية كما قال سبحانه: {هَذَا بَلَاغٌ لِلنَّاسِ وَلِيُنْذَرُوا بِهِ وَلِيَعْلَمُوا أَنَّمَا هُوَ إِلَهٌ وَاحِدٌ وَلِيَذَّكَّرَ أُولُو الْأَلْبَابِ (52)} [إبراهيم: 52].
وحقيقة الإيمان التوجه إلى الله في جميع الأحوال، وعدم الالتفات إلى غيره، فنرى هذا المخلوق لا يفعل ونحن نراه .. والرب يفعل كل شيء ونحن لا نراه.
فالابتلاء للإنسان هنا التفات القلب إلى أين؟، والفاعل من؟، والذي بيده الأمر كله من؟، والذي لا يقع في ملكه شيء إلا بإذنه من؟.
ولا إله إلا الله خطاب للقلوب لا للعقول، فعقول قريش موجودة، وفصاحتهم