الكونيه، والآيات القرآنية.
ووظيفة العقيدة الصحيحة ليست إنشاء الشعور بالحاجة إلى إله والتوجه إليه، فهذا مركوز في الفطرة كما قال سبحانه: {قَالَتْ رُسُلُهُمْ أَفِي اللَّهِ شَكٌّ فَاطِرِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ} [إبراهيم: 10].
إن وظيفة العقيدة الصحيحة .. هي تصحيح تصور الإنسان لإلهه .. وتعريفه بالإله الحق الذي لا إله غيره .. وتعريفه بأسمائه وصفاته .. لا تعريفه بوجوده وإثباته .. فلا شك في وجوده .. بل وجوده أظهر من أن يستدل عليه بدليل.
ثم تعريف العبد بمقتضيات الألوهية في حياته .. من شعائر تصله بمعبوده .. ومن شرائع تنظم منهج حياته .. ومن أخلاق تزين حياته.
ومن ثم ينسجم إذا أطاع مع الكون في الطاعة والعبادة.
والشك في حقيقة وجود الله أو إنكاره، هو بذاته دليل قاطع على اختلال بيًّن في عقل الإنسان، وعلى تعطل أجهزة الاستقبال والاستجابة الفطرية فيه، ولذلك إنكار الرب قليل في العباد.
وإذا تعطلت أجهزة الاستقبال والتأمل والاستجابة في الإنسان، فلا سبيل إلى قلبه وعقله لإقناعه بالجدل والمناظرة، إنما يكون السبيل إلى علاجه هو محاولة تنبيه أجهزة الاستقبال والاستجابة فيه، واستجاشة كوامن الفطرة في كيانه، لعلها تتحرك وتسلك الصراط المستقيم.
إن لفت الحس والقلب والعقل إلى ما في السموات والأرض من آيات ومخلوقات، وسيلة من أكبر وأعظم الوسائل لاستحياء القلب الإنساني، لعله ينبض ويتحرك، ويتلقى ويستجيب: {أَفَلَمْ يَنْظُرُوا إِلَى السَّمَاءِ فَوْقَهُمْ كَيْفَ بَنَيْنَاهَا وَزَيَّنَّاهَا وَمَا لَهَا مِنْ فُرُوجٍ (6) وَالْأَرْضَ مَدَدْنَاهَا وَأَلْقَيْنَا فِيهَا رَوَاسِيَ وَأَنْبَتْنَا فِيهَا مِنْ كُلِّ زَوْجٍ بَهِيجٍ (7) تَبْصِرَةً وَذِكْرَى لِكُلِّ عَبْدٍ مُنِيبٍ (8)} [ق: 6 - 8].
إن أعداء هذا الدين شغلوا البشرية عامة، والمسلمين خاصة بالعلم الإنساني عن العلم الإلهي، وصرفوهم عن النظر في الآيات الكونية والشرعية إلى النظر في