وكما جعل الماء سبباً لنجاة نوح ومن آمن معه، وسبباً لهلاك قوم نوح في آن واحد، بأمر واحد، في مكان واحد.
وهو سبحانه قادر على جعل الضار نافعاً كما جعل النار برداً وسلاماً على إبراهيم - صلى الله عليه وسلم -، وكما ربى موسى - صلى الله عليه وسلم - في قصر عدوه فرعون.
والله عزَّ وجلَّ خلقنا وخلق الدنيا، واستخلفنا فيها لينظر كيف نستخدمها؟.
هل نستخدامها حسب أوامر الله؟ .. أم نستخدمها على حسب هوى النفس والشيطان.
فاستخدامها حسب أمر الله عزَّ وجلَّ يأتي بعده الابتلاء، ثم السعادة في الدنيا والآخرة واستخدامها حسب مراد النفس والشيطان يأتي بعده الشقاء في الدنيا والآخرة. كما قال سبحانه: {قَالَ اهْبِطَا مِنْهَا جَمِيعًا بَعْضُكُمْ لِبَعْضٍ عَدُوٌّ فَإِمَّا يَأْتِيَنَّكُمْ مِنِّي هُدًى فَمَنِ اتَّبَعَ هُدَايَ فَلَا يَضِلُّ وَلَا يَشْقَى (123) وَمَنْ أَعْرَضَ عَنْ ذِكْرِي فَإِنَّ لَهُ مَعِيشَةً ضَنْكًا وَنَحْشُرُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَعْمَى (124)} [طه: 123 - 124].
والله جل جلاله هو القوي العزيز، يعز من يشاء، ويذل من يشاء، ويهدي من يشاء، ويضل من يشاء، ويخرج الحي من الميت، ويخرج الميت من الحي، يقدم من يشاء، ويؤخر من يشاء، ويرفع أقواماً، ويضع آخرين، ويكرم من يشاء، ويهين من يشاء، ويفعل ما يشاء، له الملك وله الحمد وهو على كل شيء قدير.
يعز سبحانه بأسباب الذلة كما أعز موسى - صلى الله عليه وسلم - وأذل فرعون، وكما أعز محمداً - صلى الله عليه وسلم - وأذل قريشاً.
ويذل سبحانه بأسباب العزة كما أذل فرعون مع ملكه، وأذل قارون مع ماله.
ويرحم سبحانه بأسباب العذاب كما أنجى الله إبراهيم - صلى الله عليه وسلم - في النار.
ويعذب بأسباب الرحمة كما دمّر عاداً بالريح العقيم، وأغرق قوم نوح بالماء.
وينجي سبحانه بأسباب الهلاك كما أنجى الله إبراهيم - صلى الله عليه وسلم - في النار، وأنجى يونس - صلى الله عليه وسلم - في بطن الحوت.
ويهلك سبحانه بأسباب النجاة كما أهلك فرعون وقومه في طريق البحر اليابس