ومنهم من حرص على النوافل وأهمل الفرائض، فترى أحدهم يحرص على صلاة الليل، ويفرح بصلاة الضحى ونحوهما، ولا يجد للفريضة لذة، ولا يشتد حرصه على المبادرة بها في أول الوقت.
الصنف الثالث: من وقع في الإباحة وطووا بساط الشرع، ورفضوا الأحكام وسووا بين الحلال والحرام، فبعضهم يزعم أن الله مستغن عن عمله فَلِمَ يُتعب نفسه؟، وبعضهم يقول قد كُلِّف الناس تطهير القلوب عن الشهوات وحب الدنيا وذلك محال، فقد كلفوا ما لا يمكن فقعد عن العمل.
ومنهم من ضيق على نفسه في طلب الحلال الخالص من القوت، وأهمل تفقد القلب والجوارح في غير هذه الخصلة.
الصنف الرابع: أرباب الأموال، والمغترون منهم فرق:
فمنهم من يحرص على بناء المساجد والمدارس، ويكتبون أسماءهم عليها ليخلد ذكرهم بعد موتهم، وهم يظنون أنهم قد استحقوا المغفرة بذلك، فهؤلاء إن بنوها من أموال كسبوها من ظلم ونهب ورشوة ونحوها فقد تعرضوا لسخط الله في كسبها، وتعرضوا لسخطه في إنفاقها.
ومنهم من كسب المال من الحلال وأنفقه على بناء المساجد، ولكنه يريد الرياء وطلب الثناء، ويصرف في زخرفة المساجد وتزيينها بالنقوش ما يشغل المصلين، ويخطف أبصارهم، ويحسب أن ذلك من الخيرات، وهو من الإسراف الذي لا يحب الله صاحبه.
ومنهم من ينفقون الأموال على الفقراء والمساكين في المحافل الجامعة، ويكرهون الصدقة في السر، ويرون إخفاء الفقير لما يأخذه منهم جناية عليهم وكفراناً لإحسانهم.
ومنهم من يحفظون الأموال ويمسكونها بحكم البخل، ويشتغلون بالعبادات البدنية التي لا يحتاج فيها إلى نفقة كصيام النهار، وقيام الليل، وختم القرآن، وهم مغرورون؛ لأن البخل المهلك قد استولى على بواطنهم.