ولذلك قال النبي - صلى الله عليه وسلم -: « .. وَرَجُلٌ تَعَلَّمَ الْعِلْمَ وَعَلَّمَهُ وَقَرَأ الْقُرْآنَ، فَأتِيَ بِهِ، فَعَرَّفَهُ نِعَمَهُ فَعَرَفَهَا، قال: فَمَا عَمِلْتَ فِيهَا؟ قال: تَعَلَّمْتُ الْعِلْمَ وَعَلَّمْتُهُ وَقَرَأْتُ فِيكَ الْقُرْآنَ، قال: كَذَبْتَ، وَلَكِنَّكَ تَعَلَّمْتَ الْعِلْمَ لِيُقَالَ عَالِمٌ، وَقَرَأْتَ الْقُرْآنَ لِيُقَالَ هُوَ قَارِئٌ، فَقَدْ قِيلَ، ثُمَّ أُمِرَ بِهِ فَسُحِبَ عَلَى وَجْهِهِ حَتَّى ألْقِيَ فِي النَّارِ» أخرجه مسلم (?).
فكما أن قدر العالم أعظم من قدر غيره، فكذلك خطره أعظم من خطر غيره، فهذا بذاك، فهذا الخطر يمنع من التكبر، والعالم إذا فكر فيما ضيعه من أوامر ربه بذنوب في باطنه، وجنايات على جوارحه، وعلم ما هو بصدده من الخطر العظيم فارقه كبره لا محالة.
الثاني: أن يعرف العالم أن الكبر لا يليق إلا بالله عزَّ وجلَّ وحده، وأنه إذا تكبر صار ممقوتاً عند الله بغيضاً، وقد أحب الله منه أن يتواضع، فمن تواضع لله رفعه في الدنيا والآخرة، فلا بد وأن يكلف نفسه ما يحبه مولاه منه، وهذا يزيل التكبر عن قلبه.
وبهذا زال التكبر عن الأنبياء إذ علموا أن من نازع الله تعالى الكبرياء والعظمة قصمه، وقد أمرهم سبحانه أن يُصغِّروا أنفسهم، حتى يَعْظُمَ عند الله محلهم، فهذا مما يبعثه على التواضع لا محالة.
فالواجب على العبد أن لا يتكبر على أحد من خلق الله، فإن رأى جاهلاً قال: هذا عصى الله بجهل، وأنا عصيته بعلم، فهو أعذر مني، وإن نظر إلى كبير قال: هذا أطاع الله قبلي، فكيف أكون مثله؟، وإن نظر إلى صغير قال: إني عصيت الله قبله، فكيف أكون مثله؟.
والله عزَّ وجلَّ خلق السموات والأرض وما بينهما، وخلق الليل والنهار، وخلق الشمس والقمر والنجوم، وخلق الملائكة الذين لا يحصيهم إلا الله، وخلق كل