ذلك؛ لننال الأجر والثواب من الله، ونحذر من أهل الأهواء والغفلة كما قال سبحانه: {وَاصْبِرْ نَفْسَكَ مَعَ الَّذِينَ يَدْعُونَ رَبَّهُمْ بِالْغَدَاةِ وَالْعَشِيِّ يُرِيدُونَ وَجْهَهُ وَلَا تَعْدُ عَيْنَاكَ عَنْهُمْ تُرِيدُ زِينَةَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَلَا تُطِعْ مَنْ أَغْفَلْنَا قَلْبَهُ عَنْ ذِكْرِنَا وَاتَّبَعَ هَوَاهُ وَكَانَ أَمْرُهُ فُرُطًا (28)} [الكهف: 28].
فهؤلاء إنما يتبعون أهواءهم، ويحكمون بها بين العباد، فهم وأقوالهم سفه ضائع لا يستحق إلا الإغفال جزاء ما غفلوا عن ذكر الله وتقواه.
فلا تطع أيها المسلم من أغفلنا قلبه عن ذكرنا حين أعرض عن ربه ودينه واتجه إلى ذاته، إلى ماله، إلى أبنائه، إلى متاعه، إلى لذائذه وشهواته، فلم يعد قلبه متسعاً للإيمان بالله، وذكر الله، والعمل بطاعة الله.
والقلب الذي يشتغل بهذه الشواغل، ويجعلها غاية حياته لا جرم يغفل عن ذكر الله، فيزيده الله غفلة، ويملي له فيما هو فيه، حتى تفلت الأيام من بين يديه، ويلقى ما أعده الله لأمثاله الغافلين، الذين يظلمون أنفسهم وغيرهم.
والإنسان كلما غفل قلبه عن ذكر الله، وجد الشيطان طريقه إليه، فيلزمه ويصبح له قرين سوء يوسوس له ويزين له السوء: {وَمَنْ يَعْشُ عَنْ ذِكْرِ الرَّحْمَنِ نُقَيِّضْ لَهُ شَيْطَانًا فَهُوَ لَهُ قَرِينٌ (36)} ... [الزخرف: 36].
ووظيفة قرناء السوء من الشياطين أن يصدوا قرناءهم عن سبيل الله، بينما هؤلاء يحسبون أنهم مهتدون، وهذا أسوأ ما يصنعه قرين السوء بقرينه: {وَإِنَّهُمْ لَيَصُدُّونَهُمْ عَنِ السَّبِيلِ وَيَحْسَبُونَ أَنَّهُمْ مُهْتَدُونَ (37)} [الزخرف: 37].
إن حياة المسلم ثمينة كبيرة؛ لأنها منوطة بوظيفة ضخمة، ذات ارتباط بهذا الوجود، وذات أثر في حياة هذا الوجود الكبير، وهي أعز وأنفس من أن يقضيها في عبث ولهو، وخوض ولعب، في غفلة عن ربه، وعن وظيفته.
وكثير من اهتمامات الناس في هذه الأرض تبدو عبثاً ولهواً ولعباً حين تقاس إلى اهتمامات المسلم الناشئة من تصوره لتلك الوظيفة الضخمة، ومن ثم تبدو اهتمامات الآخرين صغيرة هزيلة في حس المسلم المشغول بتحقيق وظيفته