قال الله تعالى: {وَلَقَدْ ذَرَأْنَا لِجَهَنَّمَ كَثِيرًا مِنَ الْجِنِّ وَالْإِنْسِ لَهُمْ قُلُوبٌ لَا يَفْقَهُونَ بِهَا وَلَهُمْ أَعْيُنٌ لَا يُبْصِرُونَ بِهَا وَلَهُمْ آذَانٌ لَا يَسْمَعُونَ بِهَا أُولَئِكَ كَالْأَنْعَامِ بَلْ هُمْ أَضَلُّ أُولَئِكَ هُمُ الْغَافِلُونَ (179)} ... [الأعراف: 179].
وقال تعالى: {إِنَّ الَّذِينَ لَا يَرْجُونَ لِقَاءَنَا وَرَضُوا بِالْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَاطْمَأَنُّوا بِهَا وَالَّذِينَ هُمْ عَنْ آيَاتِنَا غَافِلُونَ (7)} [يونس: 7].
الغفلة أشد ما يفسد القلوب، فالقلب الغافل قلب معطل عن وظيفته، معطل عن الالتقاط والتأثر والاستجابة، تمر به دلائل الإيمان والهدى أو يمر بها دون أن يحسها أو يدركها.
ومن ثم كان الإنذار هو أليق شيء بالغفلة، وتذكير الغافلين بما ينفعهم ليفعلوه، ونهيهم عما يضرهم ليجتنبوه.
والإنذار قد ينفع ويوقظ الغافلين المستغرقين في الغفلة كما قال سبحانه: {لِتُنْذِرَ قَوْمًا مَا أُنْذِرَ آبَاؤُهُمْ فَهُمْ غَافِلُونَ (6)} [يس: 6].
والإنذار لا ينفع قلباً غير مهيأ للإيمان، مشدود عنه، محال بينه وبينه بالسدود والأغلال والأغشية، فالإنذار لا يخلق القلوب، إنما يوقظ القلوب الحية المستعدة للتلقي: {إِنَّمَا تُنْذِرُ مَنِ اتَّبَعَ الذِّكْرَ وَخَشِيَ الرَّحْمَنَ بِالْغَيْبِ فَبَشِّرْهُ بِمَغْفِرَةٍ وَأَجْرٍ كَرِيمٍ (11)} [يس: 11].
فهذا الصنف من الناس هو الذي يستحق التبشير بعد انتفاعه بالإنذار، فبشره بمغفرة وأجر كريم، المغفرة عما يقع فيه من الخطايا غير مصر، والأجر الكريم على خشية الرحمن بالغيب، واتباعه لما أنزل الرحمن من الذكر، وهما متلازمان في القلب، فما تحل خشية الله في قلب، إلا ويتبعها العمل بما أنزل الله، والاستقامة على النهج الذي أراد.
فعلينا أن نعيش في بيئة الذاكرين لربهم، المستقيمين على منهجه، ونصبر على