وإن كان مسلماً طلب أن يطاع في أغراضه وما يهوى، وإن كان فيها ما هو ذنب ومعصية لله، ويكون من أطاعه أحب إليه وأعز عنده ممن أطاع الله وخالف هواه، وهذه شعبة من حال فرعون، وسائر المكذبين للرسل.
وإن كان عالماً أو شيخاً أحب من يعظمه دون من يعظم نظيره، وربما أبغض غيره حسداً وبغياً، كما فعلت اليهود مع محمد وعيسى عليهما الصلاة والسلام، ولهذا أخبر الله عنهم بمثل ما أخبر به عن فرعون، وسلط عليهم من انتقم منهم.
والأنبياء والرسل دينهم واحد وهو الإسلام، وشرائعهم مختلفة، وهؤلاء الرسل يؤمن بعضهم ببعض، ويصدِّق بعضهم بعضاً.
ومن كان من المطاعين من الأمراء والعلماء تبعاً للأنبياء والرسل أَمَر بما أَمَروا به ودعا إليه، وأحب من دعا إلى مثل ما دعا إليه، فإن الله يحب ذلك الشخص، ومن كره أن يكون له نظير يدعو إلى ذلك، فهذا يطلب أن يكون هو المطاع المعبود، وله نصيب من حال فرعون.
ومن طلب أن يطاع مع الله، فهذا يريد من الناس أن يتخذوه من دون الله أنداداً يحبونهم كحب الله، ومن الناس من يحسن إلى غيره ليمن عليه، أو ليجزيه بطاعته له، وتعظيمه إياه، أو نفع آخر.
فالمتبع للرسل يأمر الناس بما أمرتهم به الرسل، ليكون الدين كله لله لا له، فإذا أمر غيره بمثل ذلك أحبه وأعانه وسر به.
وإذا أحسن إلى الناس فإنما يحسن إليهم ابتغاء وجه ربه الأعلى، ويعلم أن الله قد منَّ عليه بأن جعله مؤمناً محسناً.
والناس ثلاثة أقسام:
عبد محض .. وحر محض .. ومكاتب قد أدى بعض كتابته.
فالعبد المحض: هو عبد المال والطين، الذي قد استعبدته نفسه وشهوته، وملكته وقهرته، فانقاد لها انقياد العبد لسيده الحاكم عليه.
والحر المحض: هو الذي قهر شهوته، وملك نفسه، فانقادت معه، وذلت له،