بالتوبة النصوح .. والاستغفار .. والحسنات الماحية .. والمصائب المكفرة.
فإن محصته هذه الأربعة كان من الذين تتوفاهم الملائكة طيبين، ومن الذين تتنزل عليهم الملائكة عند الموت كما قال سبحانه: {إِنَّ الَّذِينَ قَالُوا رَبُّنَا اللَّهُ ثُمَّ اسْتَقَامُوا تَتَنَزَّلُ عَلَيْهِمُ الْمَلَائِكَةُ أَلَّا تَخَافُوا وَلَا تَحْزَنُوا وَأَبْشِرُوا بِالْجَنَّةِ الَّتِي كُنْتُمْ تُوعَدُونَ (30) نَحْنُ أَوْلِيَاؤُكُمْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَفِي الْآخِرَةِ وَلَكُمْ فِيهَا مَا تَشْتَهِي أَنْفُسُكُمْ وَلَكُمْ فِيهَا مَا تَدَّعُونَ (31) نُزُلًا مِنْ غَفُورٍ رَحِيمٍ (32)} [فصلت: 30 - 32].
وإن لم تف هذه الأربعة بتمحيصه وتخليصه محص في البرزخ بثلاثة أشياء:
أحدها: صلاة المؤمنين الجنازة عليه، واستغفارهم له، وشفاعتهم فيه.
الثاني: تمحيصه بفتنة القبر، وروعة الفتًّان، والعصرة والانتهار.
الثالث: ما يهدي إليه إخوانه المسلمون من هدايا الأعمال من الصدقة عنه، والدعاء له، والصيام عنه، والحج عنه، وجعل ثواب ذلك له.
فإن لم تف هذه الثلاثة بتمحيصه محص بين يدي ربه في الموقف بأربعة أشياء:
أهوال القيامة .. وشدة الموقف .. وشفاعة الشفعاء .. وعفو الله عزَّ وجلَّ.
فإن لم تف هذه الأربعة بتمحيصه، فلا بدَّ له من دخول الكير رحمة في حقه، ليتخلص ويتمحص ويتطهر في النار، ويكون مكثه فيها على حسب كثرة الخبث وقلته، وشدته وضعفه وتراكمه.
فإذا خرج خبثه، وصفا ذهبه، وصار طيباً خالصاً، أخرج من النار وأدخل الجنة: {وَإِنْ مِنْكُمْ إِلَّا وَارِدُهَا كَانَ عَلَى رَبِّكَ حَتْمًا مَقْضِيًّا (71) ثُمَّ نُنَجِّي الَّذِينَ اتَّقَوْا وَنَذَرُ الظَّالِمِينَ فِيهَا جِثِيًّا (72)} [مريم: 71، 72].
وأما الاستغفار فهو نوعان:
مفرد .. ومقرون بالتوبة.
فالمفرد كقوله سبحانه: {فَقُلْتُ اسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ إِنَّهُ كَانَ غَفَّارًا (10) يُرْسِلِ السَّمَاءَ عَلَيْكُمْ مِدْرَارًا (11) وَيُمْدِدْكُمْ بِأَمْوَالٍ وَبَنِينَ وَيَجْعَلْ لَكُمْ جَنَّاتٍ وَيَجْعَلْ لَكُمْ أَنْهَارًا (12)} [نوح: 10 - 12].