والفواكه، ويشرب من أنهار اللبن والماء والعسل والخمر .. وغير ذلك من النعيم الذي لم يخطر بباله: {فَلَا تَعْلَمُ نَفْسٌ مَا أُخْفِيَ لَهُمْ مِنْ قُرَّةِ أَعْيُنٍ جَزَاءً بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونَ (17)} [السجدة: 17].
وفوق ذلك كله تمتع برؤية ربه، وفوزه برضوانه كما قال سبحانه: {وَعَدَ اللَّهُ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا وَمَسَاكِنَ طَيِّبَةً فِي جَنَّاتِ عَدْنٍ وَرِضْوَانٌ مِنَ اللَّهِ أَكْبَرُ ذَلِكَ هُوَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ (72)} [التوبة: 72].
فهل يزهد في هذا النعيم من له أدنى مسكة من عقل؟.
وهل يحرم نفسه منه بمعصية من يملكه إلا مارج العقل والدين؟.
إنه ليس في الآخرة إلا نعيم أو عذاب .. وإكرام أو إهانة .. وسعادة أو شقاوة .. مع الخلود والتأبيد .. ولكل دار عمل وعمال: {وَيَوْمَ تَقُومُ السَّاعَةُ يَوْمَئِذٍ يَتَفَرَّقُونَ (14) فَأَمَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ فَهُمْ فِي رَوْضَةٍ يُحْبَرُونَ (15) وَأَمَّا الَّذِينَ كَفَرُوا وَكَذَّبُوا بِآيَاتِنَا وَلِقَاءِ الْآخِرَةِ فَأُولَئِكَ فِي الْعَذَابِ مُحْضَرُونَ (16)} [الروم: 14 - 16].
والعاقل إنما يقدم طاعة الله على طاعة النفس .. ومحبوبات الله على محبوبات النفس .. وطاعة الرحمن على طاعة الشيطان .. والدار الباقية على الدار الفانية .. {ذَلِكَ فَضْلُ اللَّهِ يُؤْتِيهِ مَنْ يَشَاءُ وَاللَّهُ ذُو الْفَضْلِ الْعَظِيمِ (4)} ... [الجمعة: 4].
والمعاصي والذنوب ضربان:
كبائر .. وصغائر.
فالكبائر تكفرها التوبة النصوح كما قال سبحانه: {فَمَنْ تَابَ مِنْ بَعْدِ ظُلْمِهِ وَأَصْلَحَ فَإِنَّ اللَّهَ يَتُوبُ عَلَيْهِ إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ (39)} [المائدة: 39].
أما تكفير الصغائر فيقع بشيئين:
أحدهما: {وَأَقِمِ الصَّلَاةَ طَرَفَيِ النَّهَارِ وَزُلَفًا مِنَ اللَّيْلِ إِنَّ الْحَسَنَاتِ يُذْهِبْنَ السَّيِّئَاتِ ذَلِكَ ذِكْرَى لِلذَّاكِرِينَ (114)} ... [هود: 114].