فلما تسبب معلمو الخير للناس في دخولهم في جملة المؤمنين الذين يصلي الله عليهم وملائكته صلى الله عليهم وملائكته كما قال سبحانه: {هُوَ الَّذِي يُصَلِّي عَلَيْكُمْ وَمَلَائِكَتُهُ لِيُخْرِجَكُمْ مِنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ وَكَانَ بِالْمُؤْمِنِينَ رَحِيمًا (43)} [الأحزاب: 43].
وكذلك العالم كلما علّم الناس من جهالتهم جزاه الله بأن علمه من جهالته، وأمر الكائنات أن تستغفر له؛ لأن لها جميعاً حظ من علمه.
ومن خزن العلم ولم ينشره ولم يعلمه ابتلاه الله بنسيانه وذهابه منه، ومن كتم الحق أو كذب فيه فقد حاد الله في شرعه ودينه، وسنة الله أن يمحق عليه بركة علمه ودينه ودنياه، كما أن المتبايعين إذا صدقا بوركا في بيعهما، وإن كتما وكذبا محق الله بركة بيعهما.
فالكتمان يعزل الحق عن سلطانه .. والكذب يقلبه عن وجهه.
والجزاء من جنس العمل فجزاء أحدهم أن يعزله الله عن سلطان المهابة والكرامة والمحبة والتعظيم الذي يلبسه أهل الحق والصدق والبيان، ويلبسه ثوب الذل والهوان ومن صلى على النبي - صلى الله عليه وسلم - مرة صلى الله عليه بها عشراً، ومن أثنى على الرسول أثنى الله عليه وزاد تشريفه وتكريمه، ومن سأل الله له الوسيلة حلت له شفاعته يوم القيامة.
ومن آثر الله ومحابه على غيره آثره على غيره، وأعطاه ما يحب جزاء وفاقاً.
والإمام العادل أحد السبعة الذين يظلهم الله في ظل يوم لا ظل إلا ظله، فكما كان الناس في ظل عدله في الدنيا كان في ظل الرحمن يوم القيامة، ظلاً بظل، جزاء وفاقاً .. وهكذا بقية السبعة.
قال النبي - صلى الله عليه وسلم -: «سَبْعَةٌ يُظِلُّهُمُ اللهُ تَعَالَى فِي ظِلِّهِ يَوْمَ لا ظِلَّ إِلا ظِلُّهُ: إِمَامٌ عَدْلٌ، وَشَابٌّ نَشَأ فِي عِبَادَةِ اللهِ، وَرَجُلٌ قَلْبُهُ مُعَلَّقٌ فِي الْمَسَاجِدِ، وَرَجُلانِ تَحَابَّا فِي اللهِ، اجْتَمَعَا عَلَيْهِ وَتَفَرَّقَا عَلَيْهِ، وَرَجُلٌ دَعَتْهُ امْرَأةٌ ذَاتُ مَنْصِبٍ وَجَمَالٍ، فَقال: إِنِّي أخَافُ اللهَ، وَرَجُلٌ تَصَدَّقَ بِصَدَقَةٍ، فَأخْفَاهَا حَتَّى لا تَعْلَمَ شِمَالُهُ مَا تُنْفِقُ يَمِينُهُ،