ضالة معذبة شقية، لم تسترح راحة الأموات، ولم تعش عيشة الأحياء السعداء وفي الآخرة كذلك كما قال سبحانه: {فَذَكِّرْ إِنْ نَفَعَتِ الذِّكْرَى (9) سَيَذَّكَّرُ مَنْ يَخْشَى (10)} [الأعلى: 9 - 10].

ومن أعرض عن الذكر الذي بعث الله به رسوله، وعميت عنه بصيرته، أعمى الله بصره يوم القيامة، وتركه في العذاب كما ترك الذكر في الدنيا كما قال سبحانه: {وَمَنْ يَهْدِ اللَّهُ فَهُوَ الْمُهْتَدِ وَمَنْ يُضْلِلْ فَلَنْ تَجِدَ لَهُمْ أَوْلِيَاءَ مِنْ دُونِهِ وَنَحْشُرُهُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ عَلَى وُجُوهِهِمْ عُمْيًا وَبُكْمًا وَصُمًّا مَأْوَاهُمْ جَهَنَّمُ كُلَّمَا خَبَتْ زِدْنَاهُمْ سَعِيرًا (97)} [الإسراء: 97].

والإنسان الطَّيِّب يتفجر الطِّيْب من قلبه على لسانه وجوارحه، والخبيث يتفجر من قلبه الخبث على لسانه وجوارحه، وقد يكون في الإنسان مادتان: طيْب وخبث، فأيهما غلب عليه كان من أهلها.

فإذا أراد الله به خيراً طهره من المادة الخبيثة قبل الموت، فيوافيه يوم القيامة مطهراً من الذنوب بما يوفقه له من التوبة النصوح، والحسنات الماحية، والمصائب المكفرة، حتى يلقى الله وما عليه خطيئة، فلا يحتاج إلى تطهيره بالنار.

ويمسك سبحانه عن الآخر مواد التطهير، فيلقاه يوم القيامة بمادة خبيثة ومادة طيبة، وحكمة الله تأبى أن يجاوره أحد في داره الطيبة بخبائثه، فيدخله النار طهرة له وتصفيه، فإذا خلص من الخبث صلح حينئذ لجواره ومساكنة الطيبين من عباده.

وإقامة هذا النوع من الناس في النار على حسب سرعة زوال تلك الخبائث منهم وبطئها، وأكثر المسلمين لا بدَّ له من التطهير، فإن الجهل والغفلة والحرص يولد كثرة المعاصي والذنوب لا محالة.

ولهذا قال سبحانه: {وَإِنْ مِنْكُمْ إِلَّا وَارِدُهَا كَانَ عَلَى رَبِّكَ حَتْمًا مَقْضِيًّا (71) ثُمَّ نُنَجِّي الَّذِينَ اتَّقَوْا وَنَذَرُ الظَّالِمِينَ فِيهَا جِثِيًّا (72)} [مريم: 71 - 72].

طور بواسطة نورين ميديا © 2015