كتاباً، والذين لهم كتاب من أتباع الرسل وغيرهم كلهم مؤجلون إلى يوم القيامة.
لأن الكتاب دليل هداية باق، تستطيع الأجيال أن تتدبره وتعمل به كالجيل الذي أنزل فيه، والأمر ليس كذلك في الخوارق المادية التي لا يشهدها إلا جيل من حضرها، فإما أن يؤمن بها فينجو ويسعد، وإما أن لا يؤمن بها فيأخذه العذاب.
والتوراة والإنجيل كتابان كاملان معروضان للأجيال، حتى جاء الكتاب الأخير القرآن، مصدقاً لما بين يديه من التوراة والإنجيل، فيصبح هو الكتاب الأخير للناس جميعاً.
يدعى إليه الناس جميعاً .. ويعمل به الناس جميعاً .. ويحاسب على أساسه الناس جميعاً بما فيهم أهل التوراة والإنجيل: {وَمَنْ يَبْتَغِ غَيْرَ الْإِسْلَامِ دِينًا فَلَنْ يُقْبَلَ مِنْهُ وَهُوَ فِي الْآخِرَةِ مِنَ الْخَاسِرِينَ (85)} [آل عمران: 85].
وإذا كان عذاب الاستئصال قد أُجِّل ورُفع عن كفار قوم موسى، وقوم عيسى، وقوم محمد، على السواء، فإنهم سيوفون ما يستحقون بعد الأجل، ولم يؤخر عنهم العذاب لأنهم على الحق، فهم على الباطل الذي كان عليه آباؤهم وأسلافهم: {فَلَا تَكُ فِي مِرْيَةٍ مِمَّا يَعْبُدُ هَؤُلَاءِ مَا يَعْبُدُونَ إِلَّا كَمَا يَعْبُدُ آبَاؤُهُمْ مِنْ قَبْلُ وَإِنَّا لَمُوَفُّوهُمْ نَصِيبَهُمْ غَيْرَ مَنْقُوصٍ (109) وَلَقَدْ آتَيْنَا مُوسَى الْكِتَابَ فَاخْتُلِفَ فِيهِ وَلَوْلَا كَلِمَةٌ سَبَقَتْ مِنْ رَبِّكَ لَقُضِيَ بَيْنَهُمْ وَإِنَّهُمْ لَفِي شَكٍّ مِنْهُ مُرِيبٍ (110)} ... [هود: 109 - 110].
وإذا كان العذاب قد أجل، فإن الكل سيوفون أعمالهم خيرها وشرها، يوفيهم بها العليم الخبير بها ولن تضيع: {وَإِنَّ كُلًّا لَمَّا لَيُوَفِّيَنَّهُمْ رَبُّكَ أَعْمَالَهُمْ إِنَّهُ بِمَا يَعْمَلُونَ خَبِيرٌ (111)} [هود: 111].
والأمم السالفة التي أهلكها الله بعذاب الاستئصال، لو كان فيهم أولو بقية يستبقون لأنفسهم الخير عند الله فينهون عن الفساد في الأرض، ويصدون الظالمين عن الظلم، ما أخذ الله تلك القرى بعذاب الاستئصال الذي حل بها،