منه، ودون تفكير ولا تدبر.

فهو يعمى عن طريق الرشد ويتجنبه، وينشرح لطريق الغي ويتبعه، إنه يرى الحق باطلاً، والباطل حقاً ويعمل بذلك، ويدعو إلى ذلك، وهو في الوقت ذاته مصروف عن آيات الله الكونية والشرعية، لا يراها ولا يتدبرها، ولا تتأثر بها نفسه، فما أعظمها من عقوبة؟.

وما يظلم الله هذا الصنف من الناس بهذا الجزاء المردي المؤدي إلى الهلاك في الدنيا والآخرة، إنما هو الجزاء الحق لمن يكذب بآيات الله، ويغفل عنها: {وَالَّذِينَ كَذَّبُوا بِآيَاتِنَا وَلِقَاءِ الْآخِرَةِ حَبِطَتْ أَعْمَالُهُمْ هَلْ يُجْزَوْنَ إِلَّا مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ (147)} [الأعراف: 147].

إن الذي يكذب بآيات الله المبثوثة في صفحات هذا الكون المنشور، أو آياته المتلوّة التي يحملها الرسل، ويكذب تبعاً لهذا بلقاء الله في اليوم الآخر، إن هذا الكائن المسيخ روح ضالة شاردة عن طبيعة هذا الكون المسلم ونواميسه، لا تربطه بهذا الكون رابطة.

وكل عمل يصدر عن هذا المسيخ المقطوع هو عمل حابط ضائع، ولو بدا أنه قائم وناجح، كالدابة التي تأكل النبات السام فتنتفخ فيحسبه الناس عافية وسمنة، وإنما الهلاك يترصدها بعد الانتفاخ والحبوط.

وكلما تكررت جريمة الكذب والافتراء على الله تكررت العقوبة كما حصل من بني إسرائيل حين عبدوا العجل كما قال سبحانه: {إِنَّ الَّذِينَ اتَّخَذُوا الْعِجْلَ سَيَنَالُهُمْ غَضَبٌ مِنْ رَبِّهِمْ وَذِلَّةٌ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَكَذَلِكَ نَجْزِي الْمُفْتَرِينَ (152)} ... [الأعراف: 152].

فهو جزاء متكرر كلما تكررت جريمة الافتراء على الله، وقد كتب الله على الذين اتخذوا العجل الغضب والذلة، وكان آخر ما كتب الله عليهم أن يبعث عليهم إلى يوم القيامة من يسومهم سوء العذاب.

فإذا بدا في فترة من الفترات أن بني إسرائيل يطغون في الأرض ويستعلون،

طور بواسطة نورين ميديا © 2015