وكل ما نراه في الوجود من شر وألم، وعقوبة وجدب، ونقص فينا وفي غيرنا، فهو من قيام الرب تعالى بالقسط، وهو عدل الله وقسطه، وإن أجراه على يد ظالم، فالمسلِّط له أعدل العادلين كما قال سبحانه لمن أفسد في الأرض: {فَإِذَا جَاءَ وَعْدُ أُولَاهُمَا بَعَثْنَا عَلَيْكُمْ عِبَادًا لَنَا أُولِي بَأْسٍ شَدِيدٍ فَجَاسُوا خِلَالَ الدِّيَارِ وَكَانَ وَعْدًا مَفْعُولًا (5)} [الإسراء: 5].
وقد عاقب الله جل جلاله الكفار بعقوبات حسب جرائمهم، ورتب بعض العقوبات على الذنوب.
منها: الختم على القلوب والأسماع .. والغشاوة على الأبصار .. والأقفال على القلوب .. وجعل الأكنة والرين عليها .. والطبع على القلوب .. وتقليب الأفئدة والأبصار .. والحيلولة بين المرء وقلبه .. وإغفال القلب عن ذكر الرب .. وإنساء العبد نفسه .. وترك إرادة الله تطهير قلبه .. وجعل الصدر ضيقاً حرجاً كأنما يَصَّعَّد في السماء .. وصرف القلوب عن الحق .. وزيادتها مرضاً على مرضها .. وإركاسها وإنكاسها بحيث تبقى منكوسة.
ومن عقوبات المعاصي أنها تثبط عن الطاعات، وتبعد عنها، وتجعل القلب أصم لا يسمع الحق، أبكم لا ينطق به، أعمى لا يراه.
ومنها الخسف بالقلب كما يخسف بالمكان وما فيه، فيخسف به إلى أسفل سافلين، وصاحبه لا يشعر به.
وعلامة الخسف بالقلب أنه لا يزال جوالاً حول السفليات والقاذورات والرذائل، كما أن القلب الذي رفعه الله وقربه إليه لا يزال جوالاً حول البر والخير، والفضائل والطيبات، والعلويات والمحاسن من الأقوال والأعمال والصفات.
وقد أخبر الله تبارك وتعالى في القرآن ما أوقع بالمشركين من العقوبات، ويذكر إنجاءه لأهل التوحيد.
فيذكر شرك هؤلاء الذي استحقوا به الهلاك، وتوحيد هؤلاء الذي استحقوا به