وبين كيد الأعداء وتفريط الأولياء ضاع الإسلام أو كاد، وصار كأمة لا يهاب ولا يحترم.

لكنه باقٍ في الأرض كأفراد وجماعات تؤمن به، وتعمل بأحكامه وتؤدي فرائضه، وتقيم حدوده، وتدعو إليه في ساحة الأرض كلها، لا يضرهم من خذلهم ولا من خالفهم كما قال النبي - صلى الله عليه وسلم -: «لا يَزَالُ مِنْ أُمَّتِي أُمَّةٌ قَائِمَةٌ بِأمْرِ اللهِ، لا يَضُرُّهُمْ مَنْ خَذَلَهُمْ وَلا مَنْ خَالَفَهُمْ، حَتَّى يَأْتِيَهُمْ أمْرُ اللهِ وَهُمْ عَلَى ذَلِكَ» متفق عليه (?).

والله عزَّ وجلَّ يعاقب على الأسباب المحرمة، وعلى ما تولد منها، كما يثيب على الأسباب المأمور بها، وعلى ما تولد منها.

فمن دعا إلى بدعة أو ضلالة فعليه وزرها ووزر من عمل بها؛ لأن فعلهم تولد من فعله، ولذلك كان على ابن آدم القاتل لأخيه كفل من ذنب كل قاتل بغير حق إلى يوم القيامة.

ولكل من دل على خير فله مثل أجر فاعله.

قال الله تعالى: {لِيَحْمِلُوا أَوْزَارَهُمْ كَامِلَةً يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَمِنْ أَوْزَارِ الَّذِينَ يُضِلُّونَهُمْ بِغَيْرِ عِلْمٍ أَلَا سَاءَ مَا يَزِرُونَ (25)} [النحل: 25].

وقال النبي - صلى الله عليه وسلم -: «مَنْ دَعَا إِلَى هُدًى، كَانَ لَهُ مِنَ الأجْرِ مِثْلُ أجُورِ مَنْ تَبِعَهُ، لا يَنْقُصُ ذَلِكَ مِنْ أجُورِهِمْ شَيْئًا، وَمَنْ دَعَا إِلَى ضَلالَةٍ، كَانَ عَلَيْهِ مِنَ الإثْمِ مِثْلُ آثَامِ مَنْ تَبِعَهُ، لا يَنْقُصُ ذَلِكَ مِنْ آثَامِهِمْ شَيْئًا» أخرجه مسلم (?).

والله جل جلاله إنما يسلط الشيطان على الذين يتولونه، والذين هم به مشركون، فلما تولوه من دون الله، وأشركوه معه، عوقبوا على ذلك بتسليطه عليهم كما قال سبحانه: {إِنَّهُ لَيْسَ لَهُ سُلْطَانٌ عَلَى الَّذِينَ آمَنُوا وَعَلَى رَبِّهِمْ يَتَوَكَّلُونَ (99) إِنَّمَا سُلْطَانُهُ عَلَى الَّذِينَ يَتَوَلَّوْنَهُ وَالَّذِينَ هُمْ بِهِ مُشْرِكُونَ (100)} [النحل: 99 - 100].

طور بواسطة نورين ميديا © 2015